اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 2 صفحة : 88
و قالوا: ما قرن شيء إلى شيء، أفضل من حلم إلى علم. و من عفو إلى قدرة.
و قالوا: من تمام آلة العالم أن يكون شديد الهيبة، رزين المجلس، وقورا صموتا، بطيء الالتفات، قليل الإشارات، ساكن الحركات، لا يصخب و لا يغضب، و لا يبهر [1] في كلامه، و لا يمسح عثنونه [2] عند كلامه في كل حين؛ فإن هذه كلّها من آفات العيّ.
و قال الشاعر:
مليء ببهر و التفات و سعلة # و مسحة عثنون و فتل الأصابع
و مدح خالد بن صفوان رجلا، فقال: كان بديع المنطق، جزل الألفاظ، عربيّ اللسان، قليل الحركات، حسن الإشارات، حلو الشمائل، كثير الطلاوة، صموتا وقورا، يهنأ الجرب، و يداوي الدّبر، و يقلّ الحزّ، و يطبّق المفصل؛ لم يكن بالزمر المروءة، و لا الهذر المنطق، متبوعا غير تابع.
كأنّه علم في رأسه نار
و قال عبد اللّه بن المبارك في مالك بن أنس رضي اللّه عنه:
يأبى الجواب فما يراجع هيبة # فالسائلون نواكس الأذقان
هدي الوقار و عزّ سلطان التّقى # فهو المهيب و ليس ذا سلطان
و قال عبد اللّه بن المبارك فيه أيضا:
صموت إذا ما الصمت زيّن أهله # و فتّاق أبكار الكلام المختّم
وعى ما وعى القرآن من كلّ حكمة # و سيطت له الآداب باللحم و الدم [3]