responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 2  صفحة : 77

من حمل العلم و استعماله؛ فقليل العلم يستعمله العقل خير من كثيره يحفظه القلب.

قيل للمهلب: بم أدركت ما أدركت؟قال: بالعلم. قيل له: فإنّ غيرك قد علم أكثر مما علمت و لم يدرك ما أدركت. قال: ذلك علم حمل و هذا علم استعمل.

و قد قالت الحكماء: العلم قائد و العقل سائق و النفس ذود؛ فإذا كان قائد بلا سائق هلكت، و إن كان سائق بلا قائد أخذت يمينا و شمالا، و إذا اجتمعا أنابت‌ [1] طوعا أو كرها.

فنون العلم‌

قال سهل بن هارون و هو عند المأمون: من أصناف العلم ما لا ينبغي للمسلمين أن ينظروا فيه، و قد يرغب عن بعض العلم كما يرغب عن بعض الحلال.

فقال المأمون: قد يسمّي بعض الناس الشي‌ء علما و ليس بعلم، فإن كان هذا أردت فوجهه الذي ذكرت.

و لو قلت أيضا إن العلم لا يدرك غوره، و لا يسبر قعره، و لا تبلغ غايته، و لا تستقصى أصوله، و لا تنضبط أجزاؤه، صدقت؛ فإن كان الأمر كذلك فابدأ بالأهمّ فالأهم، و الأوكد فالأوكد، و بالفرض قبل النّفل‌ [2] ، يكن ذلك عدلا قصدا و مذهبا جميلا.

و قد قال بعض الحكماء: لست أطلب العلم طمعا في غايته و الوقوف على نهايته، و لكن التماس ما لا يسع جهله. فهذا وجه لما ذكرت.

و قال آخرون: علم الملوك النسب و الخبر، و علم أصحاب الحروب درس كتب الأيام و السّير، و علم التجار الكتاب و الحساب. فأما أن يسمّى الشي‌ء علما و ينهى عنه


[1] أنابت: أذعنت و أجابت.

[2] النّفل: ما زاد على الواجب في الصلاة.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 2  صفحة : 77
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست