اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 2 صفحة : 62
أبو جعفر و ابن فضالة في رجل معاقب:
و قال المبارك بن فضالة: كنت عند أبي جعفر جالسا في السّماط، إذ أمر برجل أن يقتل؛ فقلت: يا أمير المؤمنين، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: إذا كان يوم القيامة مناد بين يدي اللّه: ألا من كانت له عند اللّه يد فليتقدّم فلا يتقدم إلا من عفا عن مذنب.
فأمر بإطلاقه.
و قال الأحنف بن قيس: أحقّ الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة.
و قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: «أقرب ما يكون العبد من غضب اللّه إذا غضب.
و تقول العرب في أمثالها: ملكت فأسجح. و ارحم ترحم. و كما تدين تدان. و من بر يوما برّ به.
بعد الهمة و شرف النفس
دخل نافع بن جبير بن مطعم على الوليد، و عليه كساء غليظ، و خفّان جاسيان [1] ، فسلّم و جلس، فلم يعرفه الوليد؛ فقال لخادم بين يديه: سلّ هذا الشيخ من هو. فسأله، فقال له: اعزب [2] . فعاد إلى الوليد فأخبره. فقال: عد إليه و اسأله، فعاد اليه، فقال له مثل ذلك. فضحك الوليد و قال له: من أنت؟قال: نافع بن جبير ابن مطعم.
و قال زياد بن ظبيان لابنه عبيد اللّه: أ لا أوصي بك الأمير زيادا؟قال: يا أبت، إذا لم يكن للحيّ إلا وصية الميّت فالحيّ هو الميّت.
و قال معاوية لعمرو بن سعيد: الى من أوصي بك أبوك؟قال: إن أبي أوصى إليّ و لم يوص بي!قال و بم أوصى إليك؟قال: ألاّ يفقد إخوانه منه إلا وجهه.
و قال مالك بن مسمع لعبيد اللّه بن زياد بن ظبيان: ما في كنانتي سهم أنا به أوثق مني بك. قال: و إني لفي كنانتك: أما و اللّه لئن كنت فيها قائما لأطولنّها و لئن كنت فيها قاعدا لأخرقنّها. قال: كثّر اللّه مثلك في العشيرة. قال: لقد سألت اللّه شططا.