اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 2 صفحة : 55
أنشدني التي تقول فيها «الوحل» فإني رويتها و أنا صغير. فأنشده شعره الذي أوله:
أديرا عليّ الرّاح لا تشربا قبلي # و لا تطلبا من عند قاتلتي ذحلي [1]
حتى انهى إلى قوله:
إذا ما علت منا ذؤابة شارب # تمشّت به مشي المقيّد في الوحل
فضحك هارون و قال: ويحك يا مسلم!أ ما رضيت أن قيدته حتى يمشي في الوحل!ثم أمر له بجائزة و خلّى سبيله.
بين كسري و يوشت بعد مقتل الفلهذ:
قال كسري ليوشت المغني-و قد قتل الفلهذ تلميذه-: كنت أستريح منك إليه و منه إليك، فأذهب حسدك و نغل [2] صدرك شطر تمتّعي، و أمر أن يطرح تحت أرجل الفيلة. فقال: أيها الملك، إذا كنت أنا قد أذهبت شطر تمتّعك و أذهبت أنت الشطر الآخر، أ ليس جنايتك على نفسك مثل جنايتي عليك؟قال كسري: دعوه؛ فما دلّه على هذا الكلام إلا ما جعل له من طول المدة.
الرشيد و يعقوب ابن صالح:
يعقوب بن صالح بن علي بن عبد اللّه بن عباس، قال: دخلت يوما على الرشيد أمير المؤمنين و هو متغيّظ متربّد [3] ، فندمت على دخولي عليه، و قد كنت أفهم غضبه في وجهه، فسلّمت فلم يردّ؛ فقلت: داهية نآد [4] . ثم أومأ إليّ فجلست. فالتفت إليّ و قال: للّه عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالب، فلقد نطق بالحكمة حيث يقول:
يا أيّها الزّاجري عن شيمتي سفها # عمدا عصيت مقام الزاجر النّاهي