responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 2  صفحة : 34

المهدي و أبو عبيد اللّه بعد قتل ابنه:

و حكي أن أمير المؤمنين المهدي قال لأبي عبيد اللّه لما قتل ابنه: إنه لو كان في صالح خدمتك و ما تعرّفناه من طاعتك، و فاء يجب به الصفح عن ولدك، ما تجاوز أمير المؤمنين ذلك به إلى غيره؛ و لكنه نكص‌ [1] على عقبيه و كفر بربّه. قال أبو عبيد اللّه: رضانا عن أنفسنا و سخطنا عليها موصول برضاك و سخطك، و نحن خدم نعمتك، تثيبنا على الإحسان فنشكر، و تعاقبنا على الإساءة فنصبر.

المنصور و جعفر ابن محمد:

أبو الحسن المدائني قال: لما حج المنصور مرّ بالمدينة، فقال للربيع الحاجب: عليّ بجعفر بن محمد، قتلني اللّه إن لم أقتله. فمطل‌ [2] به، ثم ألحّ عليه فحضر، فلما كشف الستر بينه و بينه و مثل بين يديه، همس جعفر بشفتيه، ثم تقرّب و سلّم، فقال: لا سلّم اللّه عليك يا عدوّ اللّه، تعمل عليّ الغوائل في ملكي؟قتلني اللّه إن لم أقتلك. قال: يا أمير المؤمنين، إنّ سليمان صلّى اللّه على محمد و عليه، أعطي فشكر، و إن أيوب ابتلي فصبر، و إن يوسف ظلم فغفر؛ و أنت على إرث منهم، و أحقّ من تأسّى بهم. فنكس أبو جعفر رأسه مليا. و جعفر واقف، ثم رفع رأسه فقال: إليّ أبا عبد اللّه، فأنت القريب القرابة، و ذو الرّحم الواشجة [3] السليم الناحية، القليل الغائلة [4] . ثم صافحه بيمينه، و عانقه بشماله، و أجلسه معه على فراشه و انحرف له عن بعضه، و أقبل عليه بوجهه يحادثه و يسائله. ثم قال: يا ربيع، عجّل لأبي عبد اللّه كسوته و جائزته و إذنه.

قال الربيع: فلما حال الستر بيني و بينه أمسكت بثوبه، فقال: ما أرانا يا ربيع إلا و قد حبسنا. فقلت: لا عليك!هذه منّي لا منه. فقال: هذه أيسر، سل حاجتك.

فقلت له: إني منذ ثلاث أدفع عنك و أداري عليك، و رأيتك إذ دخلت همست


[1] نكص: فرّ.

[2] مطل به: أي اختلفت الأسباب لتخلّفه عن الحضور.

[3] الواشجة: القرابة المتصلة المشتبكة.

[4] الغائلة: الشرّ و العناد و الحقد.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 2  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست