اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 2 صفحة : 29
قال: لقد بؤت إذا بأعباء الندم، و سعيت في استجلاب النّقم؛ و ما ذلك يا أمير المؤمنين، إلا بغي باغ نافسني فيك بقديم الولاية، و حقّ القرابة، يا أمير المؤمنين، إنك خليفة اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و سلم في أمته، و أمينه على رعيته، لك عليها فرض الطاعة و أداء النصيحة؛ و لها عليك التثبّت في حادثها، و العدل في حكمها.
فقال له هارون: تضع لي من لسانك، و ترفع عليّ من جنانك بحيث يحفظ اللّه لي عليك!هذا قمامة كاتبك يخبرني بفعلك.
فقال عبد الملك: أ حقا يا قمامة؟ قال: نعم لقد أردت ختل [1] أمير المؤمنين و الغدر به.
فقال عبد الملك: كيف لا يكذب عليّ من خلفي من بهتني [2] في وجهي؟ قال الرشيد: هذا ابنك شاهد عليك.
قال: يا أمير المؤمنين، هو بين مأمور أو عاق؛ فإن كان مأمورا فمعذور، و إن كان عاقّا فما أخاف من عقوقه أكثر.
و قال له الرشيد يوما و كان معتلا عليه: أ تبقّون بالرّقّة؟قال: نعم، و نبرغث! قال: يا بن الفاعلة!ما حملك على أن سألتك عن مسألة فرددت عليّ في مسألتين؟و أمر به إلى الحبس؛ فلم يزل في حبسه حتى أطلقه الأمين.
لعبد الملك بن صالح بعد خروجه من السجن:
إبراهيم بن السّندي قال: سمعت عبد الملك بن صالح يقول بعد إخراج المخلوع له من الحبس، و ذكر الرشيد و فعله به، فقال: و اللّه إن الملك لشيء ما نويته و لا تمنّيته، و لا نصبت له و لا أردته، و لو أردته لكان إليّ أسرع من الماء إلى الحدور [3] ، و من النار إلى يبس العرفج [4] ؛ و إني لمأخوذ بما لم أجن، و مسئول عما لم أعرف، و لكن حين رآني للملك قمينا [5] ، و للخلافة خطيرا، و رأى لي يدا تنالها إذا مدّت،