اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 2 صفحة : 282
الهجري و المنصور:
الأصمعي قال: دخل أبو بكر الهجري على المنصور، فقال: يا أمير المؤمنين، نغض فمي، و أنتم أهل بيت بركة، فلو أذنت لي فقبّلت رأسك لعلّ اللّه كان يمسك على ما بقي من أسناني. قال: اختر بينها و بين الجائزة. فقال: يا أمير المؤمنين، إن أهون عليّ من ذهاب درهم من الجائزة ألاّ تبقى في فمي حاكة. فضحك المنصور و أمر له بجائزة.
و قالوا: قبلة الإمام في اليد، و قبلة الأب في الرأس، و قبلة الأخ في الخد، و قبلة الأخت في الصدر، و قبلة الزوجة في الفم.
باب الأدب في العيادة
مرض أبو عمرو بن العلاء، فدخل عليه رجل من أصحابه، فقال له: أريد أن أساهرك الليلة. قال له: أنت معافى و أنا مبتلي، فالعافية لا تدعك أن تسهر، و البلاء لا يدعني أن أنام. و أسأل اللّه أن يهب لأهل العافية الشكر، و لأهل البلاء الصبر.
و دخل كثير عزّة على عبد العزيز بن مروان و هو مريض، فقال: لو أن سرورك لا يتمّ إلا بأن تسلم و أسقم لدعوت ربي أن يصرف ما بك إليّ، و لكن أسأل اللّه لك أيها الأمير العافية، و لي في كنفك النعمة. فضحك و أمر له بجائزة. فخرج و هو يقول:
و نعود سيّدنا و سيّد غيرنا # ليت التّشكّي كان بالعوّاد
لو كان يقبل فدية لفديته # بالمصطفى من طارفي و تلادي [1]
و كتب رجل من أهل الأدب إلى عليل:
نبّئت أنّك معتلّ فقلت لهم # نفسي الفداء له من كلّ محذور