responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 2  صفحة : 259

و من أبصر عيب نفسه عمي عن عيب غيره، و من سلّ سيف البغي قتل به، و من احتفر لأخيه بئرا وقع فيها، و من نسي زلته استعظم زلّة غيره، و من هتك حجاب غيره انهتكت عورات بينه، و من كابر في الأمور عطب، و من اقتحم اللّجج غرق، و من أعجب برأيه ضلّ، و من استغنى بعقله زلّ، و من تجبّر على الناس ذلّ، و من تعمّق في العمل ملّ، و من صاحب الأنذال حقّر، و من جالس العلماء وقّر، و من دخل مداخل السوء اتّهم، و من حسن خلقه سهلت له طرقه. و من حسن كلامه كانت الهيبة أمامه، و من خشي اللّه فاز؛ و من استقاد الجهل ترك طريق العدل، و من عرف أجله قصر أمله، ثم أنشأ يقول:

البس أخاك على عيوبه # و استر و غطّ على ذنوبه

و اصبر على بهت السّفيـ # ه و للزّمان على خطوبه‌ [1]

ودع الجواب تفضّلا # و كل الظلوم إلى حسيبه‌ [2]

و قال شبيب بن شيبة: اطلبوا الأدب فإنه مادة العقل، و دليل على المروءة، و صاحب في الغربة، و مؤنس في الوحشة، و حلية في المجلس، و يجمع لكم القلوب المختلفة.

و قال عبد الملك بن مروان لبنيه: عليكم بطلب الأدب؛ فإنّكم إن احتجتم إليه كان لكم مالا، و إن استغنيتم عنه كان لكم جمالا.

و قال بعض الحكماء: اعلم أنّ جاها بالمال إنما يصحبك ما صحبك المال، و جاها بالأدب غير زائل عنك.

و قال ابن المقفّع: إذا أكرمك الناس لمال أو لسلطان فلا يعجبك ذلك: فإن الكرامة تزول بزوالها، و لكن ليعجبك إذا أكرموك لدين أو أدب.


[1] البهت: الكذب و الباطل.

[2] كل الظلوم: دعه إلى من يحاسبه.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 2  صفحة : 259
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست