responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 2  صفحة : 24

ليزيد بن مزيد أمام الرشيد:

و لما رضي الرشيد عن يزيد بن مزيد أذن له بالدخول عليه فلما مثل بين يديه قال:

الحمد للّه الذي سهّل لي سبيل الكرامة بلقائك، و ردّ عليّ النعمة بوجه الرضا منك؛ و جزاك اللّه يا أمير المؤمنين في حال سخطك جزاء المحسنين المرغبين‌ [1] و في حال رضاك جزاء المنعمين المتطوّلين؛ فقد جعلك اللّه و له الحمد تثبت تحرّجا عند الغضب، و تمتنّ تطوّلا [2] بالنعم، و تستبقي المعروف عند الصنائع تفضلا بالعفو.

المأمون و إبراهيم بن المهدي:

لما ظفر المأمون بإبراهيم بن المهدي، و هو الذي يقال له ابن شكلة، أمر بإدخاله عليه. فلما مثل بين يديه قال: وليّ الثأر محكم في القصاص، و العفو أقرب للتقوى، [و القدرة تذهب الحفيظة، و من مدّ له الاعتذار في الأمل هجمت به الأناة على التلف‌] [3] ؛ و قد جعل اللّه كلّ ذنب دون عفوك، فإن صفحت فبكرمك، و إن أخذت فبحقّك.

قال المأمون: إني شاورت أبا إسحاق و العبّاس في قتلك، فأشارا عليّ به.

قال: أما أن يكونا قد نصحاك في عظم قدر الملك و لما جرت عليه عادة السياسة، فقد فعلا؛ و لكنك أبيت أن تستجلب النصر إلا من حيث عوّدك اللّه. ثم استعبر باكيا.

قال له المأمون: ما يبكيك.

قال: جذلا، إذ كان ذنبي إلى من هذه صفته. ثم قال: يا أمير المؤمنين، إنه و إن كان جرمي يبلغ سفك دمي، فحلم أمير المؤمنين و تفضّله يبلغاني عفوه، ولي بعدهما شفاعة الإقرار بالذنب، و حرمة الأب بعد الأب.


[1] المرغب: المعطي غيره ما يرغب فيه.

[2] تطوّلا: إكثارا للإحسان.

[3] زيادة عن نهاية الأرب.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 2  صفحة : 24
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست