وفد دحية الكلبي على عليّ رضي اللّه عنه، فما زال يذكر معاوية و يطريه في مجلسه؛ فقال عليّ عليه السلام:
صديق عدوّي داخل في عداوتي # و إنّي لمن ودّ الصديق ودود
فلا تقربن منّي و أنت صديقه # فإنّ الّذي بين القلوب بعيد
و في هذا المعنى قول العتّابي:
تودّ عدوّي ثم تزعم أنّني # صديقك إنّ الرأي عنك لعازب
و ليس أخي من ودّني رأي عينه # و لكن أخي من ودّني و هو غائب
و قال آخر:
ليس الصديق الذي إن زلّ صاحبه # يوما رأى الذنب منه غير مغفور
و إن أضاع له حقّا فعاتبه # فيه أتاه بتزويق المعاذير
إنّ الصديق الذي ألقاه يعذر لي # ما ليس صاحبه فيه بمعذور
كم من أخ لك لم يلده أبوكا # و أخ أبوه أبوك قد يجفوكا
صاف الكرام إذا أردت إخاءهم # و اعلم بأنّ أخا الحفاظ أخوكا
و الناس ما استغنيت كنت أخاهم # و إذا افتقرت إليهم رفضوكا
و قال بعضهم:
أخوك الذي إن قمت بالسيف عامدا # لتضربه لم يستغشّك في الودّ
و لو جئت تبغي كفّه لتبينها # لبادر إشفاقا عليك من الردّ
يرى أنه في الودّ كان مقصّرا # على أنّه قد زاد فيه على الجهد
إن كنت متّخذا خليلا # فتنقّ و انتقد الخليلا [1]
[1] الخليل: الصاحب، و تنقّ: اختر.