و مثله قولنا في هذا المعنى:
ساق ترنّح يشدو فوقه ساق # كأنّه لحنين الصوت مشتاق
يا ضيعة الشّعر في بله جرامقة # تشابهت منهم في اللّؤم أخلاق [1]
غلّت بأعناقهم أيد مقفّعة # لا بوركت منهم أيد و أعناق [2]
كأنّما بينهم في منع سائلهم # و حبس نائلهم عهد و ميثاق
كم سقتهم بأماديحي و قدتهم # نحو المعالي فما انقادوا و لا انساقوا
و إن نبا بي في ساحاتهم وطن # فالأرض واسعة و الناس أفراق
ما كنت أول ظمآن بمهمهة # يغرّه من سراب القفر رقراق
رزق من اللّه أرضاهم و أسخطني # و اللّه للأنوك المعتوه رزّاق
يا قابض الكفّ لا زالت مقبّضة # فما أناملها للناس أرزاق
و غب إذا شئت حتى لا ترى أبدا # فما لفقدك في الأحشاء إقلاق
و لا إليك سبيل الجود شارعة # و لا عليك لنور المجد إشراق [3]
لم يكتنفني رجاء لا و لا أمل # إلا تكنّفه ذلّ و إملاق
و قال مؤمّل بن سعيد في هذا المعنى:
إنّما أزرى بقدري أنّني # لست من نابه أهل البلد
ليس منهم غير ذي مقلية # لذوي الألباب أو ذي حسد [4]
يتحامون لقائي مثل ما # يتحامون لقاء الأسد
طلعتي أثقل في أعينهم # و على أنفسهم من أحد
لو رأوني وسط بحر لم يكن # أحد يأخذ منهم بيدي
[1] الجرامقة: قوم من العجم، صاروا بالموصل في أوائل الاسلام.
[2] اليد المقفّعة: المتشنّجة.
[3] شارعة: مفتوحة مشرعة.
[4] المقلية: البغضاء.