و قال الشاعر:
إذا الواشي بغى يوما صديقا # فلا تدع الصّديق لقول واش
و قال ذو الرئاستين: قبول النميمة شرّ من النميمة؛ لأن النميمة دلالة و القبول إجازة، و ليس من دلّ على شيء كمن قبله و أجازه.
ذكر السّعاة عند المأمون فقال: لو لم يكن في عيبهم إلا أنهم أصدق ما يكونون أبغض ما يكونون إلى اللّه تعالى لكفاهم.
و عاتب مصعب بن الزبير الأحنف في شيء، فأنكره، فقال: أخبرني الثقة. قال:
كلا، إنّ الثقة لا يبلّغ.
و قد جعل اللّه السامع شريك القائل فقال: سَمََّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكََّالُونَ لِلسُّحْتِ [1] .
و قيل: حسبك من شرّ سماعه.
لعمرك ما سبّ الأمير عدوّه # و لكنّما سبّ الأمير المبلّغ
و قال آخر:
لا تقبلنّ نميمة بلّغتها # و تحفّظنّ من الذي أنباكها
لا تنقشنّ برجل غيرك شوكة # فتقي برجلك رجل من قد شاكها [2]
إنّ الذي أنباك عنه نميمة # سيدبّ عنك بمثلها قد حاكها
و قال دعبل:
و قد قطع الواشون ما كان بيننا # و نحن إلى أن يوصل الحبل أحوج
رأوا عورة فاستقبلوها بألبهم # فلم ينههم حلم و لم يتحرّجوا [3]
و كانوا أناسا كنت آمن غيبهم # فراحوا على ما لا نحبّ فأدلجوا [4]
[1] سورة المائدة الآية 42.
[2] شاكها: أي شكّها و فعلها.
[3] ألبهم جمعهم. و لم يتحرّجوا: أي لم يجدوا حرجا في فعلهم.
[4] الإدلاج: سير الليل كلّه أو في آخره.