اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 2 صفحة : 17
أنعم كفّا، و لا أندى راحة [1] منك يا أمير المؤمنين. قال: فأعظم له الجائزة على شعره، و أضعف له على كلامه و أقبل عليه بوجهه و بشره، فبسطه حتى تمنى جميع من حضره أنهم قاموا مقامه.
عمر بن عبد العزيز و وفد العراق و محمد القرظي:
حدّث العتبي عن سفيان بن عيينة قال: قدم على عمر بن عبد العزيز ناس من أهل العراق، فنظر إلى شاب منهم يتحوّش [2] للكلام، فقال: أكبروا أكبروا. فقال:
يا أمير المؤمنين، إنه ليس بالسنّ، و لو كان الأمر كله بالسنّ لكان في المسلمين من هو أسنّ منك. فقال عمر: صدقت رحمك اللّه، تكلم. فقال: يا أمير المؤمنين، إنّا لم نأتك رغبة و لا رهبة؛ أما الرغبة فقد دخلت علينا منازلنا و قدمت علينا بلادنا؛ و أما الرهبة فقد أمننا اللّه بعدلك من جورك. قال: فما أنتم؟قال: وفد الشكر. قال: فنظر محمد بن كعب القرظي إلى وجه عمر يتهلل، فقال: يا أمير المؤمنين؛ لا يغلبنّ جهل القوم بك معرفتك بنفسك؛ فإن ناسا خدعهم الثناء و غرّهم شكر الناس فهلكوا، و أنا أعيذك باللّه أن تكون منهم. فألقى عمر رأسه على صدره.
التنصل و الاعتذار
قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: «من لم يقبل من متنصّل [3] عذرا، صادقا كان أو كاذبا، لم يرد عليّ الحوض» .
و قال: «المعترف بالذنب كمن لا ذنب له. و قال: الاعتراف يهدم الاقتراف» [4] .
و قال الشاعر:
إذا ما امرؤ من ذنبه جاء تائبا # إليك فلم تغفر له فلك الذّنب