responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 2  صفحة : 136

صفة الحلم و ما يصلح له‌

من حلم الأحنف:

قيل للأحنف بن قيس: ممن تعلمت الحلم؟قال: من قيس بن عاصم المنقري؛ رأيته قاعدا بفناء داره، محتبيا بحمائل سيفه يحدث قومه، حتى أتي برجل مكتوف و رجل مقتول؛ فقيل له: هذا ابن أخيك قتل ابنك. فو اللّه ما حلّ حبوته‌ [1] و لا قطع كلامه. ثم التفت إلى ابن أخيه و قال له: يا بن أخي، أثمت بربّك، و رميت نفسك بسهمك، و قتلت ابن عمّك. ثم قال لابن له آخر: قم يا بنيّ فوار أخاك، و حلّ كتاف ابن عمك، و سق إلى أمّه مائة ناقة دية ابنها فإنها غريبة. ثم أنشأ يقول:

إني امرؤ لا يطّبي حسبي‌ [2] # دنس يهجّنه و لا أفن‌ [3]

من منقر في بيت مكرمة # و الغصن ينبت حوله الغصن

خطباء حين يقول قائلهم # بيض الوجوه أعفّة لسن

لا يفطنون لعيب جارهم # و هم لحفظ جواره فطن‌

و قال رجل للأحنف بن قيس: علّمني الحلم يا أبا بحر. قال: هو الذّل يا بن أخي، أ فتصبر عليه؟ و قال الأحنف: لست حليما و لكنّي أتحالم.

و قيل له: من أحلم: أنت أم معاوية؟قال: تاللّه ما رأيت أجهل منكم؛ إنّ معاوية يقدر فيحلم، و أنا أحلم و لا أقدر؛ فكيف أقاس عليه أو أدانيه؟ و قال هشام بن عبد الملك لخالد بن صفوان: بم بلغ فيكم الأحنف ما بلغ؟قال:

إن شئت أخبرتك بخلّة [4] ، و إن شئت بخلّتين، و إن شئت بثلاث. قال: فما الخلّة؟


[1] الحبوة: ما يشتمل من ثبوب أو نحوه.

[2] في عيون الأخبار «إنّي امرؤ لا شائن حسبي» و يطبي: يخالط.

[3] الأفن: النقص و الحمق.

[4] الخلّة: الصفة و المزيّة.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 2  صفحة : 136
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست