اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 2 صفحة : 132
منك نصيحة، كانت بينهما نبوة [1] ، و لن تغلب سيئة حسنتين.
قال الفضل بن يحيى لأبيه: ما لنا نسدي إلى الناس المعروف فلا نرى من السرور في وجوههم عند انصرافهم ببرّنا، ما نراه في وجوههم عند انصرافهم ببر غيرنا؟ فقال له يحيى: إن آمال الناس فينا أطول منها في غيرنا، و إنما يسرّ الإنسان بما بلّغه أمله.
قيل ليحيى: ما الكرم؟قال ملك في زي مسكين؛ قيل: فما الفرعنة؟قال:
مسكين في بطش عفريت. قيل: فما الجود؟قال: عفو بعد قدرة.
من بلاغة المأمون:
أتي المأمون برجل قد وجب عليه الحدّ، فقال و هو يضرب: قتلتني يا أمير المؤمنين؛ قال الحقّ قتلك: قال: ارحمني. ؛ قال: لست أرحم بك ممن أوجب عليك الحد.
و سأل المأمون عبد اللّه بن طاهر في شيء، فأسرع في ذلك؛ فقال له المأمون: فإنّ اللّه عز و جل قد قطع عذر العجول بما مكنه من التثبّت، و أوجب الحجة على القلق بما بصّره من فضل الأناة. قال: أ تأذن لي يا أمير المؤمنين أن أكتبه؟قال: نعم، فكتبه.
بين المأمون و إبراهيم بن المهدي:
قال إبراهيم بن المهدي: قال لي المأمون: أنت الخليفة الأسود؟قلت: يا أمير المؤمنين، أنت مننت علي بالعفو، و قد قال عبد بني الحسحاس:
أشعار عبد بني الحسحاس قمن له # عند الفخار مقام الأصل و الورق
إن كنت عبدا فنفسي حرّة كرما # أو أسود الجلد إني أبيض الخلق
فقال المأمون: يا عم، خرّجك الهزل إلى الجد، ثم أنشأ يقول: