responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 2  صفحة : 107

فإن إمام سال عن فاضل # فادلل على العاقل لا أمّ لك‌

هوذة و كسرى:

و كان هوذة بن علي الحنفيّ يجير لطيمة كسرى في كل عام-و اللطيمة عير تحمل الطيب و البزّ-فوفد على كسرى، فسأله عن بنيه، فسمّى له عددا. فقال:

أيهم أحبّ إليك؟قال: الصغير حتى يكبر، و الغائب حتى يرجع، و المريض حتى يفيق‌ [1] . فقال له: ما غذاؤك في بلدك؟قال: الخبز. فقال كسرى لجلسائه: هذا عقل الخبز. يفضّله على عقول أهل البوادي الذين غذاؤهم اللبن و التمر.

و هوذة بن علي الحنفيّ هو الذي يقول فيه أعشى بكر:

من ير هوذة يسجد غير متّئب # إذا تعصّب فوق التاج أو وضعا [2]

له أكاليل بالياقوت فصّلها # صوّاغها لا ترى عيبا و لا طبعا

و قال أبو عبيدة عن أبي عمرو: لم يتتوّج معدّيّ قط، و إنما كانت التيجان لليمن.

فسألته عن هوذة بن علي الحنفي، فقال: إنما كانت خرزات تنظم له.

و قد كتب النبي صلّى اللّه عليه و سلم إلى هوذة بن علي يدعوه إلى الاسلام كما كتب إلى الملوك.

و في بعض الحديث: إن اللّه عز و جل لما خلق العقل قال: أقبل!فأقبل، ثم قال له:

أدبر!فأدبر. فقال: و عزتي و جلالي، ما خلقت خلقا أحبّ إليّ منك، و لا وضعتك إلا في أحبّ الخلق إليّ. و لما خلق الحمق قال له: أقبل. فأدبر. ثم قال له: أدبر.

فأقبل. فقال: و عزتي و جلالي، ما خلقت خلقا أبغض إليّ منك، و لا وضعتك إلا في أبغض الخلق إليّ.

و بالعقل أدرك الناس معرفة اللّه عز و جل؛ و لا يشكّ فيه أحد من أهل العقول؛ يقول اللّه عز و جل في جميع الأمم: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اَللََّهُ [3] .


[1] يفيق: يشفى و يتعافى.

[2] متئب: مستح، من الحياء.

[3] سورة الزّخرف الآية 87.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 2  صفحة : 107
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست