اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 1 صفحة : 81
هذا فأنهكهم عقوبة حتى يفرقوا إن لم يفقهوا، و ألصق بغيلان بن خرشة من بينهم:
و عد مرضى المسلمين، و اشهد جنائزهم، و باشر أمورهم، و افتح بابك لهم؛ فإنما أنت رجل منهم غير أن اللّه جعلك أثقلهم حملا و قد بلغ أمير المؤمنين أنه فشت لك و لأهل بيتك هيئة في لباسك و مطعمك و مركبك ليس للمسلمين مثلها؛ فإيّاك يا عبد اللّه أن تكون كالبهيمة: همّها في السّمن و السّمن حتفها. و اعلم أن العامل إذا زاغ زاغت رعيته، و أشقى الناس من يشقى به الناس. و السلام.
ابن الخطاب و ابن العاص و الغزو في البحر
أراد عمر بن الخطاب أن يغزو قوما في البحر، فكتب إليه عمرو بن العاص و هو عامله على مصر: يا أمير المؤمنين، إنّ البحر خلق عظيم، يركبه خلق صغير، دود على عود. فقال عمر: لا يسألني اللّه عن أحد أحمله فيه.
للشعبي قال: كنت جالسا عند شريح إذ دخلت عليه امرأة تشتكي زوجها و هو غائب و تبكي بكاء شديدا، فقلت: أصلحك اللّه، ما أراها إلا مظلومة. قال: و ما علمك؟قلت: لبكائها. قال: لا تفعل؛ فإن إخوة يوسف جاءوا أباهم عشاء يبكون، و هم له ظالمون.
الحسن و رجل رد إياس شهادته
و كان الحسن بن أبي الحسن، لا يرى أن يرد شهادة رجل مسلم إلا أن يجرّحه المشهود عليه؛ فأقبل إليه رجل فقال: يا أبا سعيد، إنّ إياسا ردّ شهادتي. فقام معه الحسن إليه فقال: يا أبا وائلة، لم رددت شهادة هذا المسلم و قد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:
من صلى صلاتنا و استقبل قبلتنا فهو المسلم: له ما لنا و عليه ما علينا؟فقال: يا أبا سعيد، إن اللّه يقول: مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ اَلشُّهَدََاءِ[1] و هذا لا يرضى.