اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 1 صفحة : 78
و خرجنا معه، فلما دخل عليه قال له: يا مغيرة، كبرت سنك و رقّ عظمك و لم يبق منك شيء، و لا أراني إلا مستبدلا بك. قال المحدّث عنه: فانصرف إلينا و نحن نرى الكآبة في وجهه، فأخبرنا بما كان من أمره. قلنا له: فما تريد أن تصنع؟قال:
ستعلمون ذلك. فأتى معاوية فقال له: يا أمير المؤمنين، إنّ الأنفس ليغدى عليها و يراح، و لست في زمن أبي بكر و لا عمر، فلو نصبت لنا علما من بعدك نصير إليه! فإني قد كنت دعوت أهل العراق إلى بيعة يزيد. فقال: يا أبا محمد، انصرف إلى عملك و رم هذا الأمر لابن أخيك. فأقبلنا نركض على النّجب [1] ، فالتفت فقال:
و اللّه لقد وضعت رجله في ركاب طويل ألقى عليه أمة محمد صلّى اللّه عليه و سلّم.
باب من أحكام القضاة
قال عمر بن عبد العزيز: إذا كان في القاضي خمس خصال فقد كمل: علم بما كان قبله، و نزاهة عن الطمع، و حلم عن الخصم، و اقتداء بالأئمة، و مشاورة أهل العلم و الرأي.
و قال عمر بن عبد العزيز: إذا أتاك الخصم و قد فقئت عينه، فلا تحكم له حتى يأتي خصمه؛ فلعله قد فقئت عيناه جميعا.
كتاب عمر بن الخطاب إلى معاوية في القضاء
و كتب عمر بن الخطاب إلى معاوية في القضاء كتابا يقول فيه: إذا تقدّم إليك الخصمان فعليك بالبيّنة العادلة أو اليمين القاطعة، و إدناء الضعيف حتى يشتدّ قلبه و ينبسط لسانه؛ و تعاهد الغريب!فإنك إن لم تتعاهده سقط حقّه و رجع إلى أهله؛ و إنما ضيّع حقّه، من لم يرفق به: و آس بين الناس في لحظك و طرفك، و عليك بالصلح بين الناس ما لم يتبين لك فصل القضاء.