اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه الجزء : 1 صفحة : 288
قال: فمن لي بأن تفي أنت؟قال: أرهنك قوسي. فلما جاء بها ضحك من حوله و قالوا: لهذه العصا يفي!قال كسرى: ما كان ليسلمها لشيء أبدا. فقبضها منه، و أذن لهم أن يدخلوا الريف.
و مات حاجب بن زرارة، فارتحل عطارد بن حاجب إلى كسرى يطلب قوس أبيه؛ فقال له: ما أنت الذي رهنتها!قال: أجل. قال: فما فعل؟قال. هلك، و هو أبي، و قد وفى له قومه و وفى هو للملك. فردّها عليه و كساه حلة.
فلما وفد إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم عطارد بن حاجب، و هو رئيس تميم، و أسلم على يديه، أهداها للنبي صلّى اللّه عليه و سلّم، فلم يقبلها؛ فباعها من رجل من اليهود بأربعة آلاف درهم.
ثم إن مضر أتت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فقالوا: يا رسول اللّه، هلك قومك و أكلتهم الضّبع.
يريدون الجوع-و العرب يسمّون السّنة الضّبع و الذئب. قال جرير:
فدعا لهم النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فأحيوا، و قد كان دعا عليهم فقال: اللهم اشدد وطأتك على مضر، و ابعث عليهم سنين كسني يوسف.
وفود أبي سفيان إلى كسرى
الأصمعي قال: حدثنا عبد اللّه بن دينار عن عبد اللّه بن بكر المرّي، قال: قال أبو سفيان: أهديت لكسرى خيلا و أدما، فقبل الخيل و ردّ الأدم، و أدخلت عليه فكأنّ وجهه وجهان من عظمه، فألقى إليّ مخدّة كانت عنده، فقلت: وا جوعاه!أ هذه حظّى من كسري بن هرمز؟قال: فخرجت من عنده، فما أمرّ على أحد من حشمه إلا أعظمها، حتى دفعت إلى خازن له: فأخذها و أعطاني ثمانمائة إناء من فضة و ذهب.
قال الأصمعي؛ فحدثت بهذا الحديث النّوشجان الفارسي، فقال: كانت وظيفة المخدّة ألفا، إلا أن الخازن اقتطع منها مائتين.