responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 1  صفحة : 15

لعمر بن الخطاب و معاوية حين قدم عليه الشام‌

قال يزيد: حدّثني أبي أنّ عمر بن الخطاب لما قدم الشام قدم على حمار و معه عبد الرحمن بن عوف على حمار، فتلقّاهما معاوية في موكب ثقيل، فجاوز عمر معاوية حتى أخبر به، فرجع إليه. فلما قرب منه نزل إليه، فأعرض عنه، فجعل يمشي إلى جنبه راجلا. فقال له عبد الرحمن بن عوف: أتعبت الرجل. فأقبل عليه عمر فقال:

يا معاوية، أنت صاحب الموكب آنفا مع ما بلغني من وقوف ذوي الحاجات ببابك؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: و لم ذاك؟قال: لأنا في بلد لا نمتنع فيها من جواسيس العدوّ و لا بدّ لهم مما يرهبهم من هيبة السلطان؛ فإن أمرتني بذلك أقمت عليه، و إن نهيتني عنه انتهيت. فقال: لئن كان الذي تقول حقا فإنه رأي أريب‌ [1] ؛ و إن كان باطلا خدعة أديب، و ما آمرك به و لا أنهاك عنه. فقال عبد الرحمن بن عوف: لحسن ما صدر هذا الفتى عما أوردته فيه!فقال: لحسن موارده جشّمناه ما جشّمناه‌ [2] .

الربيع الحارثي في حضرة ابن الخطاب‌

و قال الربيع بن زياد الحارثيّ: كنت عاملا لأبي موسى الأشعري على البحرين.

فكتب إليه عمر بن الخطاب يأمره بالقدوم عليه هو و عمّاله و أن يستخلفوا من هو من ثقاتهم حتى يرجعوا. فلما قدمنا أتيت يرفأ [3] ، فقلت: يا يرفأ، ابن سبيل مسترشد، أخبرني أيّ الهيئات أحبّ إلى أمير المؤمنين أن يرى فيها عمّاله؟فأومأ إلى الخشونة. فأخذت خفّين مطارقين‌ [4] ، و لبست جبّة صوف، و لثت رأسي. بعمامة دكناء. ثم دخلنا على عمر، فصفّنا بين يديه و صعّد فينا نظره و صوّب‌ [5] ، فلم تأخذ عينه أحدا غيري، فدعاني؛ فقال: من أنت؟قلت: الربيع بن زياد الحارثي. قال: و ما تتولى من أعمالنا؟قلت: البحرين. قال: فكم ترزق؟قلت: خمسة دراهم في كل


[1] رأي أريب: رأي فيه الصواب و العقل.

[2] جشمناه: حمّلناه.

[3] يرفأ: غلام عمر بن الخطاب.

[4] مطارقين: أي أطبقت نعل على نعل ثم خرزتا.

[5] صوّب: أمعن النظر و وجّهه.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 1  صفحة : 15
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست