و فرّ أبو خراش الهذلي من فائد و أصحابه، و رصدوه بعرفات فقال:
و فوني و قالوا يا خويلد لا ترع # فقلت و أنكرت الوجوه هم هم
و قلت و قد جاوزت أصحاب فائد # أ أعجزت أولى الخيل أم أنا أحلم
فلو لا ادّراك الشرّ قامت حليلتي # تخيّر من خطّابها و هي أيّم [1]
و لو لا ادّراك الشرّ أتلفت مهجتي # و كان خراش يوم ذلك ييتم
و فرّ خبيب بن عوف يوم مرداء هجر من أبي فديك، فقال:
بذلت لهم يا قوم حولي و قوّتي # و نصحي و ما ضمّت يداي من التبر
فلما تناهى الأمر بي من عدوكم # إلى مهجتي ولّيت أعداءكم ظهري
و طرت و لم أحفل ملامة عاجز # يقيم لأطراف الرّدينية السّمر
فلو كان لي روحان عرّضت واحدا # لكلّ ردينيّ و أبيض ذي أثر [2]
رجع بنا القول إلى الفرّارين و الجبناء و ما قيل فيهم.
للفرزدق في خالد ابن أسيد
فرّ خالد بن عبد اللّه بن أسيد عن مصعب بن الزبير يوم الجفرة بالبصرة، فقال فيه الفرزدق:
و كلّ بني السّوداء قد فرّ فرّة # فلم يبق إلاّ فرّة في است خالد
فضحتم أمير المؤمنين و أنتم # تمرّون سودانا غلاظ السّواعد
و قيل لرجل جبان في بعض الوقائع: تقدّم. فأنشأ يقول:
و قالوا تقدّم، قلت لست بفاعل # أخاف على فخّارتي أن تحطّما
فلو كان لي رأسان أتلفت واحدا # و لكنّه رأس إذا راح أعقما
فلو كان مبتاعا لدى السوق مثله # فعلت و لم أحفل بأن أتقدّما
فأوتم أولادا و أرمل نسوة # فكيف على هذا ترون التقدّما
[1] الأيّم: الأرمل.
[2] الرديني: الرمح، و الأبيض: السيف و الأثر: فرند السيف و جوهره.