responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 1  صفحة : 124

الرجل و وجّه إلى معن من يحضر به، فأتته رسل أمير المؤمنين و قد لبس ثيابه و قرّبت إليه دابته، فدعا أهل بيته و مواليه فقال: لا يخلصنّ‌ [1] إلى هذا الرجل و فيكم عين تطرف. ثم ركب و دخل حتى سلم على المهدي، فلم يردّ عليه، فقال: يا معن، أ تجير عليّ؟قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: و نعم أيضا!و اشتدّ غضبه. فقال معن: يا أمير المؤمنين، قتلت في طاعتكم باليمن في يوم واحد خمسة عشر ألفا، و لي أيام كثيرة قد تقدّم فيها بلائي و حسن غنائي، فما رأيتموني أهلا أن تهبوا لي رجلا واحدا استجار بي؟فأطرق المهدي طويلا ثم رفع رأسه و قد سرّي عنه‌ [2] ، فقال: قد أجرنا من أجرت. قال معن: فإن رأى أمير المؤمنين أن يصله-فيكون قد أحياه و أغناه-فعل.

قال: قد أمرنا له بخمسة آلاف. قال: يا أمير المؤمنين، إنّ صلات الخلفاء على قدر جنايات الرعية و إن ذنب الرجل عظيم؛ فأجزل له الصلة. قال: قد أمرنا له بمائة ألف. قال: فتعجّلها يا أمير المؤمنين بأفضل الدعاء. ثم انصرف و لحقه المال؛ فدعا الرجل فقال له: خذ صلتك و الحق بأهلك، و إياك و مخالفة خلفاء اللّه تعالى.

الجبن و الفرار

لعمرو بن معديكرب في الفزعات‌

قال عمرو بن معديكرب: الفزعات ثلاث: فمن كانت فزعته في رجليه فذلك الذي لا تقلّه رجلاه، و من كانت فزعته في رأسه فذلك الذي يفرّ عن أبويه، و من كانت فزعته في قلبه فذلك الذي يقاتل.

و قال الأحنف: أسرع الناس إلى الفتنة، أقلهم حياء من الفرار.

و قالت عائشة أم المؤمنين: إنّ للّه خلقا قلوبهم كقلوب الطير، كلما خفقت الريح خفقت معها؛ فأفّ للجبناء! و قال الشاعر:


[1] لا يخلصنّ: لا يصل أحل إليه.

[2] سرّي عنه: زال غضبه.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 1  صفحة : 124
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست