responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 1  صفحة : 114

القوّام بأمره؟أ فيمن نظر ليومه و غده، أم من شغله يومه عن غده؟فإن قيل له: لا يخدع عن أخباره؛ و الغنى فيمن قلّ شرهه و اشتد انفه، و القوّام بأمره من نظر ليومه و غده، قال: اشتغلوا عنه بغيره. و إن قيل له ضدّ ذلك قال: نار كانة تنتظر موقدا، و أضغان مزملة [1] تنتظر مخرجا، اقصدوا له، فلا حين أ حين من سلامة مع تضييع، و لا عدوّ أعدى من أمن أدّى إلى اغترار.

وقيعة ملك الهياطلة بيزدجرد

كانت ملوك العجم قبل ملوك الطوائف تنزل بلخ، ثم نزلت بابل، ثم نزل أردشير ابن بابك فارس، فصارت دار مملكتهم، و صار بخراسان ملوك الهياطلة و هم الذين قتلوا فيروز بن يزدجرد بن بهرام ملك فارس، و كان غزاهم؛ فكاده ملك الهياطلة بأن عمد إلى رجل ممن عرفه بالمكايدة و حسن الإدارة، فأظهر السخط عليه و أوقع به على أعين الناس توقيعا قبيحا و نكّل به تنكيلا شديدا. ثم أرسله و قد واطأه‌ [2] على أمر أبطنه معه و ظاهره عليه فخرج حتى أتى فيروز في طريقه، فأظهر النزوع‌ [3] إليه و الاستنصار به من عظيم ما ناله. فلما رأى فيروز ما به من التوقيع و النكاية فيه، وثق به و استنام إليه. فقال: أنا أدلك أيها الملك على غرة القوم و عورتهم و أعلمك مكان غفلتهم. فسلك به سبيل مهلكة معطشة؛ ثم خرج إليه ملك الهياطلة فأسره و أكثر أصحابه، فسألهم أن يمنوا عليه و على من معه، و أعطاهم موثقا لا يغزوهم أبدا، و نصب لهم حجرا جعله حدا بينه و بينهم، و حلف لهم ألاّ يجاوزه هو و لا جنوده، و أشهد اللّه عليه و على من حضر من قرابته و أساورته؛ فمنّوا عليه و أطلقوه و من معه.

فلما عاد إلى مملكته أخذته الأنفة مما أصابه، فعاد إلى غزوهم ناكثا لعهده غادرا بذمته، إلا أنه تلطف في ذلك بحيلة ظنّها مجزئة في أيمانه، فجعل الحجر الذي نصبه لهم على فيل في مقدّمة عسكره، و تأوّل في ذلك أنه لا يجاوزه فلما صار إليهم ناشدوه


[1] أضغان مزمّلة: أحقاد مستورة و مغطّاة.

[2] واطأه: اتفق معه.

[3] النزوع: الميل و التقرّب.

اسم الکتاب : العقد الفريد المؤلف : ابن عبد ربه    الجزء : 1  صفحة : 114
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست