responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التمام في تفسير أشعار هذيل مما أغفله أبو سعيد السكري المؤلف : ابن جني    الجزء : 1  صفحة : 2
بما هي مقناةٌ أنيقٌ نباتُها ... مربٌّ فتهواها المخاضُ النوازعِ
" مقناة " أي موافقة. وقوله: " مقاناة البياض بصفرة " أي يوافق بياضها صفرتها، ولغة هذيل " مفناة " بالفاء. ينبغي أن تكون لام المقناة بالقاف واواً من قولهم: قنوات السيئ أي وافقني فادخرته، وإما على قول الكوفيين فإنهم يحكون: قنوته وقنيته، فعلى هذا يحتما الأمرين بالواو والياء، وأما " المقناة " بالفاء فقد فسرها أبو مرو فقال: هذيل تقول " مفناة " بالفاء، وطيّ تقول " مقناة " بالقاف: قال: وهو الجانب الذي لا تطلع عليه الشمس، فهي على هذا كأنها مَفْعَلَةٌ من الفِناء، وهو الحد والجانب. وقد سبق قولنا أن الوجه أن يكون الفناء من الواو وجملا على حكم الثناء لأنهم قد قالوا: هو فناء الدار وثِناؤها بمعنى. وأما " المقناة " بالقاف على تفسير أبي عمرو فإنها بمعنى مررب، وقد فسر مرباً بالمألف، فالمقناة على هذا كالقول الأول من الواو من " قنوت "، لان الشيء المقتنى مألوف، فهذا معنى " مرب " أيضا.
وانْسال ذو الماوَين أمْسَتْ قلاتُه ... لها حَبَبٌ تَسْتَنُّ فيه الضفادع
" ذو الماوين ": موضع. ينبغي أن يكون تثنية ماء، كأنه موضع يأتيه الماء من موضعين أو فيه ماءان، وقياسه: ذو الماءين وقد يجوز أن تقول فيه ماوان كما تقول في عطاء: عطاوان. وأصل إبدال هذه الهمزة واواً أن تكون لما همزته للتأنيث نحو: حمراوان وصفراوان، ثم يشبه ما همزته زائدة لغير التأنيث للزيادة بهمزة التأنيث فيقال: علباوان وحرباوان، ثم يُشبه ما همزته منقلبة عن الياء والواو والأصلين بما همزته منقلبة عن ياء زائدة فيقال: عطاوان وسقاوان كما قيل علباوان وحرباوان، ثم يشبه ما همزته بدل من أصل فيقال في قرّاء وضاء: قراوان ووضاوان كما قيل: عطاوان وسقاوان. هكذا تنزيل هذه الأشياء شيئا فشيئا.
وفيها:
لها هَجَلاتٌ سَهْلةٌ ونِجادَةٌ ... دكادِكُ لا تُوبى بَهِنَّ المراضعِ
قال: الهجل بطن من الأرض لين. هذا من المذكر الثلاثي الذي جُمع بالتاء، ومثله ثِرى وثريات. أنشد الأصمعي " من الرجز ":
وامتص بَرْدَ الثَرَيات الرُّشَحِ ... مَصَّ الذُبابات الشروط البَرْسخِ
ونحوه قولهم: " يا لَثارات فلان " هو جمع " ثار "، ومثله ما أنشده أيضا " من الرجز ":
ذو رألات شَفّها وشَفَّهُ ... شِرادُها عن شركٍ وكفَّهُ
وهو جمع رأل. وأنشد أيضا جمع حور، وهو النقصان. وقال المراد الفقعسي " من الوافر ":
تريْ عبساً يُسَوِّدُهُنَ ماءٌ ... من النَجَداتِ يحلبه الذميلُ
قالوا: جمع نجد للعرق.
وقال قيس بن عَيزارة في قصيدة " من الكامل ":
والدَّهْرُ لا يبقى على حَدثانِهِ ... بَقَرٌ بناصِفَةِ الجِواءِ ركودُ
الهمزة في " جواء " بدل من ياء لأن باب " طويت " اكثر من باب " قوَ " وإن كانت جمع قَوّ فهي بدل من واو، ويجوز في القياس أن يكون مقلوبا من الجؤوة فتكون همزته أصلية ويكون مثاله " فِلاع ".
وقال قيس بن عَيزارة " من الطويل "
ورَدَنْا الفُضاضَ قلنا شَيّفاتُنا ... بأرعنَ ينفى الطيرَ عن كل موقع
قال: " شيفاتنا " طلائعنا، الشيفة: الطليعة. ينبغي أن يكون عين الشيفة واواً لأنها " فَيْعلَة " من شاف يشوف إذا جلا، ألا ترى أنهم يقولون: " قد جَليّ الصقر والبازي " إذا رمى بطرفه وكذلك الطليعة إنما تتأمل وترمى بأبصارها هل ترى شبحا، جيشا أو غيره. قال عنترة " من الكامل ":
ولقد شربت من المدامة بعدما ... ركدتا هواجر بالمشوف المعلو
أي بالدينار المجلو. فأما رفع " شيفاتنا "، فإن شئت فالبتداء وخبره " قبلنا " مقدم عليه، وإن شئت كان بدلا من " نا " في وردنا بدل البعض كقولك: " دخلنا تادارَ خمسةٌ من وأكثرنا " ونحو ذلك. فإن قلت فكيف تجيز البدل من ضمير المتكلم، ألا تراك لا تجيز: " قمتُ زيدٌ " ولا " كلمتني جعفراً؟ " قيل إنما لا يجوز البدل من ضمير المتكلم إذا كان بدل الكل كما تقدم آنفا. فأما بدل البعض وبدل الاشتمال فكلاهما جائز من ضمير المتكلم لما في ذلك من الفائدة. قال وهو أبيات الكتاب " من الوافر ":
ذَريني أنَّ أمْرَك لن يُطاعا ... وما ألفيتني حلمي مضاعا
اسم الکتاب : التمام في تفسير أشعار هذيل مما أغفله أبو سعيد السكري المؤلف : ابن جني    الجزء : 1  صفحة : 2
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست