اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 2 صفحة : 112
و قال غيلان ابو مروان: إذا أردت أن تتعلم الدعاء، فاسمع دعاء الأعراب.
و قال رجل من بني سليم، و سأله الحجاج عن المطر فقال: أصابتنا سحائب ثلاث: بحوران بقطر و قطر كبار، فكان الصّغار للكبار لحمة. ثم أصابتنا الثانية بسواء فلبّدت الدّماث [1] و دحضت العزاز [2] و صدعت الكمأة عن أماكنها. ثم أصابتنا الثالثة بالقريتين فملأت الإخاذ [3] ، و أفعمت كل واد، و أقبلنا في ماء يجر الضبع و يستخرجها من وجارها [4] .
و قال رجل من بني أسد لمحمد بن مروان و سأله عن المطر فقال: ظهر الإعصار، و كثر الغبار، و أكل ما أشرف من الجنبة [5] و أيقنّا أنه عام سنة.
[من نوادر الأخبار و الأشعار]
قال أبو الحسن عتّاب: عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، إن الإسكندر كان لا يدخل مدينة إلا هدمها، و قتل أهلها، حتى مر بمدينة كان مؤدبه فيها، فخرج إليه، فألطفه الإسكندر و أعظمه، فقال له: «أيها الملك، إن أحق من زيّن لك أمرك و واتاك على كل ما هويت لأنا، و إن أهل هذه المدينة قد طمعوا فيك لمكاني منك، و أحب ألا تشفعني فيهم، و أن تخالفني في كل ما سألتك لهم» . فأعطاه الإسكندر من ذلك ما لا يقدر على الرجوع عنه. فلما توثق منه قال: «فإن حاجتي أن تدخلها و تخربها و تقتل أهلها» . فقال الإسكندر: ليس إلى ذلك سبيل، و لا بد من مخالفتك.