اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 295
ما قيل في المخاصر و العصي و غيرهما
كانت العرب تخطب بالمخاصر [1] ، و تعتمد على الأرض بالقسيّ، و تشير بالعصي و القنا. نعم حتى كانت المخاصر لا تفارق أيدي الملوك في مجالسها، و لذلك قال الشاعر [2] :
في كفّه خيزران ريحه عبق # بكف أروع في عرنينه شمم
يغضي حياء و يغضى من مهابته # فما يكلم إلا حين يبتسم
إن قال قال بما يهوى جميعهم # و إن تكلم يوما ساخت الكلم
يكاد يمسكه عرفان راحته # ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
و قال الشاعر قولا فسر فيه ما قلنا. قال:
مجالسهم خفض الحديث و قولهم # إذا ما قضوا في الأمر وحي المخاصر
و قال الكميت بن زيد:
و نزور مسلمة المهذ # ب بالمؤبّدة السّوائر
بالمذهبات المعجبا # ت لمفحم منا و شاعر
و أهل التجاوب في المحا # فل و المقاول بالمخاصر
فهم كذلك في المجا # لس و المحافل و المشاعر
و كما قال الأنصاري في المجامع حيث يقول:
و سارت بنا سيّارة ذات سورة # بكوم المطايا و الخيول الجماهر
يؤمون ملك الشام حتى تمكنوا # ملوكا بأرض الشام فوق المنابر
يصيبون فصل القول في كل خطبة # إذا وصلوا إيمانهم بالمخاصر
[1] المخاصر: جمع مخصرة، و هي ما يمسكه الإنسان بيده من عصا أو مقرعة أو عنزة أو عكازة أو قضيب.
[2] هو الفرزدق، و الأبيات من قصيدة طويلة يمدح فيها علي بن الحسين عند ما رأى الناس في موسم الحج يفسحون له الطريق لاستلام الحجر بينما لا يأبهون لهشام بن عبد الملك.
اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 295