اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 258
ثم من الخطباء: عمرو بن سعيد، و هو الأشدق، يقال إن ذلك إنما قيل لتشادقه في الكلام. و قال آخرون: بل كان أفقم مائل الذقن، و لذلك قال عبيد اللّه بن زياد حين أهوى إلى عبد اللّه بن معاوية: يدك عني يا لطيم الشيطان، و يا عاصي الرحمن. و قال الشاعر:
و عمرو لطيم الجنّ و ابن محمد # بأسوإ هذا الأمر يلتبسان
ذكر ذلك عن عوانة. و هذا خلاف قول الشاعر:
تشادق حتى مال بالقول شدقه # و كل خطيب لا أبا لك أشدق
و قال: و قد كان معاوية قد دعا به في غلمة من قريش، فلما استنطقه قال: «إن أول كل مركب صعب، و إن مع اليوم غدا» . و قال له: إلى من أوصى بك أبوك؟قال: إن أبي أوصى إليّ و لم يوص بي قال: و بأي شيء أوصاك؟قال: بألا يفقد إخوانه منه إلا شخصه. قال: فقال معاوية عند ذلك: إن ابن سعيد هذا لأشدق. فهذا يدل عندهم على أنه إنما سمي بالأشدق لمكان التشادق.
ثم كان بعد عمرو بن سعيد، سعيد بن عمرو بن سعيد، و كان ناسبا خطيبا، و أعظم الناس كبرا. و قيل له عند الموت: إن المريض ليستريح إلى الأنين، و إلى أن يصف ما به إلى الطبيب. فقال:
أجاليد من ريب المنون فلا ترى # على هالك عينا لنا الدهر تدمع
و دخل على عبد الملك مع خطباء قريش و أشرافهم، فتكلموا من قيام.
و تكلم و هو جالس، فتبسم عبد الملك و قال: لقد رجوت عثرته، و لقد أحسن حتى خفت عثرته.
فسعيد بن عمرو بن سعيد، خطيب ابن خطيب ابن خطيب.
[سهيل بن عمرو]
و من الخطباء: سهيل بن عمرو الأعلم أحد بني حسل بن معيص و كان
اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 258