اسم الکتاب : البيان و التبيين المؤلف : الجاحظ الجزء : 1 صفحة : 149
و لقد كان بين زيد بن كثوة يوم قدم علينا البصرة، و بينه يوم مات بون بعيد، على أنه قد كان وضع منزله في آخر موضع الفصاحة و أول موضع العجمة، و كان لا ينفك من رواة و مذاكرين.
و زعم أصحابنا البصريون عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال: لم أر قرويين أفصح من الحسن و الحجاج، و كان-زعموا-لا يبرّئهما من اللحن.
و زعم أبو العاصي أنه لم ير قرويا قط لا يلحن في حديثه، و فيما يجري بينه و بين الناس، إلا ما تفقده من أبي زيد النحوي، و من أبي سعيد المعلم.
و قد روى أصحابنا أن رجلا من البلديين قال لأعرابي: «كيف أهلك» قالها بكسر اللام. قال الأعرابي: صلبا. لأنه أجابه على فهمه، و لم يعلم أنه أراد المسألة عن أهله و عياله.
و سمعت ابن بشير و قال له أبو الفضل العنبريّ: إني عثرت البارحة بكتاب، و قد التقطته، و هو عندي، و قد ذكروا أن فيه شعرا، فإن أردته وهبته لك. قال ابن بشير: أريده إن كان مقيّدا. قال: و اللّه ما أدري أ مقيّد هو أم مغلول. و لو عرف التقييد لم يلتفت إلى روايته.
و حكى الكسائي أنه قال لغلام بالبادية: من خلقك؟و جزم القاف، فلم يدر ما قال، و لم يجبه، فرد عليه السؤال فقال الغلام: لعلك تريد من خلقك.
و كان بعض الأعراب إذا سمع رجلا يقول نعم في الجواب، قال: «نعم و شاء؟» ، لأن لغته نعم. و قيل لعمر بن لجأ: قل «إنا من المجرمين منتقمين» . قال: (إنّا من المجرمين منتقمون) .
و أنشد الكسائي كلاما دار بينه و بين بعض فتيان البادية فقال:
عجب ما عجب أعجبني # من غلام حكمي أصلا
قلت هل أحسست ركبا نزلوا # حضنا ما دونه قال هلا [1]