responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأمل والمأمول المؤلف : ابن المرزبان الباحث    الجزء : 1  صفحة : 2
وقال علي بن عبيدة: القناعة نعمة جسيمة، ورزق واسع، وحصن حصين، وألفة دائمة، وراحة عظيمة، وعيش صاف، ودعة للبدن، وعزة للنفس، وصيانة للعرض، وحياة طيبة، وسلامة وعافية فان وفق صاحبها للصواب في التمييز، واختيار ما يستحق به الاصطفاء صفا من الشكوك وعصمة الله (والله لا يحب كل مختال فخور) . وأنشدت:
قل للزمان أصب من شئت بالعدم ... وللمنية من أحببت فاصطلم
فحسبي الله رباً قد رضيت به ... البر بالعود والعواد بالنعم
أعد خمسين حولاً ما علي يد ... لأجنبي ولا فضل لذي رحم
الحمد لله شكراً قد غنيت فلا ... أشكو لئيماً ولا أطري أخاكرم
يا نفسلا تعلقي بالأمل في إنصاف من صبحت من المترفين فإنهم في نخوة التجبر وعقوق التكبر والاستخفاف بمن لجأ إليهم.
ولا تغتري بالحرمة بهم والتقدم بالاستطالة، وإيثار عاجل اللذة على الحقوق الواجبة، وإغفال محمود العاقبة وترك الأناة عند الغضب والعجلة بالعقوبة، فتنكبي أفنيتهم المعيبة وآمالهم الكاذبة، ولا تكوني تواقة إلى ما لا يجدي عليك، ومعرضةً عما فيه الحط لك. وارضي بقليل الحظ من الدنيا، وتبلغي بما أمكن منها، وخذي عفو ما كان مخبأ لك، ولا تستصغري ما أنت فيه من الكفاف مع الحروج وما أتيت من الاثم الفاحش. للعرزمي:
رضيت ببلغة وحططت رحلي ... وإني للمطالب مستطيع
وأدركت الغنى وملكت أمري ... إذا اشتملت على اليأس الضلوع
وأحسن بالفتى من لؤم عارٍ ... ينال به الغني كرم وجوع
وسوى اليأس بين الناس عندي ... فلن يشقى بي الرجل الوضيع
وقالوا: قد دهيت. فقلت: كلا ... ولكني أعز بي القنوع
فمن أبدي لنا بشراً جزينا ... ومن ولى فما فقد الربيع
علي بن عبيدة: يا نفس لا تسلكي سبل الاستكثار من المال فإن جمعه حسرة ووبال، واعتزي بالقناعة فإنها أشرف قدراً وأرفع ذكرا وخطراً، وأقرب إلى منزلة السعداء وأكسب للشكر وأزلف عند الخالق من الاستكثار من الفتنة الذميمة واحتمال أوزار المكاسب ولهب الحرمان وثبات حجة المقت ولزوم سمت البخل.
قال الشاعر:
لطي ثلاث واصطبار على أذى ... من الدهر خير من نوال لئيم
وأحسن عندي من تعرض ذي غنى ... تجمل مجهودٍ وصبر كريم
وألزمت نفسي اليأس حتى كأنني ... عدو لمن أثرى صديق عديم
وإن من استغنى وإن كان معسراً ... على ثقة بالله غير ملوم
عبيد الله بن عبد الله بن طاهر:
جر ما بدا لك أيها الدهر ... لك أن تجور وعندي الصبر
لا زلت أستعفيك من خطل ... حتى يردك من له الأمر
لعلي بن عبيدة الريحاني: لقد سلك الأكياس سبيل الحظ في العاجل، وعظمت مراتب أقدارهم عند الناس، ورغبوا بأرض الدعة وعمروا أفنية السلامة، وأصابوا من الدنيا بلغة وكفاية قنعوا بها، وصرفوا ما لهم بما لا احتكام للافات عليه، ولا تنظر عيون الدول في الزوال إليه من رضوانه ونعيم جنانه.
أنشدني أحمد بن عبد الله:
لا تقنعن ومذهب لك ممكن ... فاذا تضايقت المطامع فاقنع
ومن المروءة قانع ذوهمة ... يسمو لها فاذا نبت لم يهلع
ما كنت إمعةً ولكن همة ... تأبى الهوان وفسحة في المنجع
وهذا ضد المعاني المتقدمة، لأنه أمر بالطلب فإذا أعيت الحيلة فبالقناعة. وهذه قناعة اضطرار لا قناعة اختيار.
وسئل ابن حازم: ما مالك؟ فقال:
للناس مال ولي مالان مالهما ... إذا تحادس أهل المال حراس
مالي الرضا بالذي أصبحت أملكه ... ومالي اليأس مما يملك الناس
وقال أيضاً: الثقة بالناس من اليأس.
وقال خالد بن صفوان: نظرت في أمري فوجدت الذي منعنيه القدر لا سائق له، ووجدت الذي أعطانيه لا حابس له، فعلام أعني نفسي.
قال بزر جمهر: إذا كان قاسم رزقي هو الله وما قد قسمه فليس يغيره أحد فلم أتحمل منة الخلائق؟ وللحسين بن علي رضى الله عنهما:
فان تكن الدنيا تعد نفيسة ... فدار ثواب الله أعلا وأنبل
اسم الکتاب : الأمل والمأمول المؤلف : ابن المرزبان الباحث    الجزء : 1  صفحة : 2
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست