النّاشرات والمبشّرات والذّاريات والمرسلات ، وأربع منها عذاب : القاصف والعاصف والعقيم والصّرصر . و قال الحكماء : الجنوب ريح ، ذكر سعد شرقي حار لاقح يقوّي السّحاب ويفجّر الأمطار ، ويلقح الأشجار . و قال ؛ راح تمرّ به الصّبا ثم انتحى فيه شؤوب جنوب ، منفجر ويسمّى الأرنب والنّعامي . و يروى عن جعفر بن محمد أنّه قال : إنّ الجنوب تخرج من الجنة وتمر بالنّار فيصيبها وهجها ، فما فيها من حرّ فمن ذاك ، وهي ريح بروج الرّبيع ، كما أنّ الشّمال ريح بروج الصّيف ، وهي أبرد الرّياح . و يروى عن جعفر بن محمد الشّمال : تمر بالجنّة جنّة عدن فتأخذ من طيب عرفها ، فتمرّ بها على أرواح الأبرار والصّديقين . والدّبور تهيج الرياح وتثيرها وهي أشد الرّياح على ركاب البحر ، ولا تهب إلا عاصفا ، وهي التي أرسلت على قوم عاد . و روي عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال : « نصرت بالصّبا وأهلكت عاد بالدّبور » ، وهي ريح بروج الخريف . والصّبا لطيب نسيمها وهبوبها لقبت بريح العشّاق . و قال ابن دمية :
ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد * فقد زادني مسراك وجدا على وجد
وقال امرؤ القيس :
إذا قامتا يضوع المسك منهما * نسيم الصبا جاءت بريح القرنفل
وقال آخر :
أريد لأنسى ذكرها فيهيجني * نسيم الصّبا من حيث ما يطلع الفجر
وروي عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما أنه قال في قوله تعالى : * ( فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وجُنُوداً لَمْ تَرَوْها ) * [ سورة الأحزاب ، الآية : 9 ] هي الصّبا . وقالت العرب : عصف الجنوب في الخريف دليل النّقمة ، وعصف الدّبور في الرّبيع دليل العذاب ، وعصف الشّمال في الشّتاء دليل الوفاء ، وعصف الصّبا في الصّيف دليل البؤس . وقيل في الدّبور : هي ريح بروج الشّتاء . و قالت الحكماء : مهبّ الجنوب من مطلع الشّمس إلى زوالها ، ومهبّ الشّمال من مطلع الشّمس إلى غروبها . ومهبّ الدّبور من مغرب الشّمس إلى شطر اللَّيل . ومهبّ الصّبا من شطر اللَّيل إلى طلوع الشّمس ، لا تطلع هذه في هذه ولا هذه في هذه .