responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الازمنه والامكنه المؤلف : المرزوقي الأصفهاني، أبو علي    الجزء : 1  صفحة : 335


و رجعت تلك العيون الأولى إلى ما كانت عليه ، وربّما جرت الأودية والأنهار من ثلوج تقع على جبال ، فإذا أصابها الحر ذابت قليلا قليلا ، فجرت منها الأودية والأنهار ، فإن كان ذلك الثّلج كثيرا لم تنقطع تلك الأودية والأنهار ، وإن كان قليلا انقطعت .
و أما الأبحار فإنما هي من مواضع عميقة في الأرض والماء من شأنه يطلب العمق ، فالمياه تنصبّ إلى تلك المواضع العميقة من الأنهار والأودية والسّيول ، يستنقع فيه فما كان من ذلك الماء عذبا فإنّه يصير فوق لخفّة العذوبة وما كان منه مرّا وملحا صار إلى أسفل لثقله ، فإذا مرّت الشّمس عليه رفعت ما كان منه عذبا لخفّته ولطافته ، وما كان منه لطيفا جدا صار هواء ، وما كان منه في اللَّطافة دون ذلك صار ندى ومطرا .
فأمّا ما يقال : لم لا تستبين الزّيادة في البحار مع كثرة ما يجري فيها من الأنهار والأودية ، فذلك لكثرة سعتها وإنها لا تبقى بل ترفع الشّمس لطيغها فيصير منها الذّرى والأمطار ، وكذلك أيضا لأنّ الذي يعود إليها في الأودية والأنهار وربّما نقص بعض البحار في طول الأزمان أو زاد بعضها ، ولكنّ ذلك لا يستبين لطول الزّمان الذي يحتاج فيه إلى أن يستبين ، لأنّ ذلك لا يستبين في قدر عمر إنسان أو إنسانين .
قالوا : وإن قلنا : إنّها تزداد وتنقص ، لم يبعد من قبل أنّه ليس من الواجب أن يكون البخار الصّاعد منها سواء مثل الأودية والأنهار السّائلة فيها ، بل قد يكون أحدهما أكثر من الآخر ، فلذلك قلنا : قد تزيد البحار وتنقص .
و أما ملوحة ماء البحر ومرارته ، فلكثرة مرور الشّمس عليها فإنّ الرّطوبة إذا خالطتها الحرارة صارت مالحة ، فإن أفرطت الحرارة عليها صارت مرة ، ومثال ذلك العرق والبول ، فإنّهما مالحان جميعا لعمل الحرارة فيهما .

اسم الکتاب : الازمنه والامكنه المؤلف : المرزوقي الأصفهاني، أبو علي    الجزء : 1  صفحة : 335
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست