responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الازمنه والامكنه المؤلف : المرزوقي الأصفهاني، أبو علي    الجزء : 1  صفحة : 320


بإحدى الرّياح أشدّ من تأذّيها بسائرها ، ويكون بعضها أوفق لهم وإن كانت أكرهها إلى غيرهم ، كالَّذي يذكر من أنّ الجنوب أحبّ الرّياح إلى أرض الحجاز في الشّتاء والصّيف ، ذكر ذلك أبو الحسن الأثرم .
و عكاك : الجنوب يتعوّذ غيرهم منها قال ذو الرّمة شعرا :

إلى بلد لم ينتجعه بعكَّة * جنوب ولم يغرس بها النّخل غارس

وكالذي ذكره ابن الأعرابي عن الرّوحي من تأذّي أهل سابة والشّارة ونواحيها بالصّبا ، وكراهتهم لها ، وأنها إذا اشتدّ هبوبها عندهم طوى النّاس وطابهم ، لأنّ الألبان تقلّ ، والوطاب تجف لأنّها ترضع في ضروع الغنم أي ينشفه ، ومنزلهم بين مكَّة والمدينة ، هذا وإن كان الآخر قال :
فإنّ الرّيح طيّبة قول . وقال طرفة :

و أنت على الأقصى صبا غير قرّة * تذاب منها مزرع ومسيل

وقال آخر :

فإنّ الصّبا ريح إذا ما تنسّمت * على كبد حرّى تجلَّت غمومها

وزعم ابن الأعرابي أنّ الجنوب إنّما يشتدّ حرّها بالعراق ، فأمّا بالحجاز فلا . وأنشد قول كثيّر :

جنوب تسامى أوجه الرّكب مسّها * لذيذ ومسراها من الأرض طيّب

وهذا من حال الرّياح في دارنا وأوطاننا متعالم أيضا ، وكما اختلف في هذا الباب اختلف في الأمطار أيضا ، ولا زعم من ذلك ما ذكر عن أبي عبيدة أنه قال : الشّمال : عند العرب للرّوح ، والجنوب : للأمطار ، والأنداء واللَّثق والغمق والدّبور للبلاء ، وأهونه أن يكون غبارا عاصفا تقذي الأعين وهي أقلَّهن هبوبا ، والصّبا لإلقاح الأشجار .
و يقال : إذا كان النّشأ من العين ثم ألقحته الجنوب - وأبست به الصّبا واستدرته الشمال - فذلك أجود ما يكون من المطر ، وأنشد في ذلك :

لتلقيحها هيج الجنوب * ويقبل الشّمال نتاجا

والصّبا جالب بمرى . وقال آخر :

مرته الصّبا وزهته الجنوب * وانتجفته الشّمال انتجافا

والانتجاف : استخراج أقصى ما فيه .

اسم الکتاب : الازمنه والامكنه المؤلف : المرزوقي الأصفهاني، أبو علي    الجزء : 1  صفحة : 320
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست