responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الازمنه والامكنه المؤلف : المرزوقي الأصفهاني، أبو علي    الجزء : 1  صفحة : 116


و هي من برحت أي انقضت ، ومنه ما برحت أفعل كذا ، وأصله البراح ، من المكان وقال الفراء : برحت بالفتح مضت ويقال : برح الخفاء أي زال ومنه البارحة وقال قطرب : لا يقال بارحة الأولى لأنّ الشيء لا يضاف إلى نفسه ، ولا إلى نعته والجمع البوارح .
و ذكر بعض شيوخنا أنّ قوله : لا أبرح بمعنى لا أنال ولا يجوز أن يكون أصله من البراح من المكان بدلالة قوله تعالى : * ( وإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاه لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ ) * [ سورة الكهف ، الآية : 60 ] أ لا ترى أنّه محال أن يبلغ مجمع البحرين وهو لم يبرح من مكانه قال : وإذا لم يستعمل أبرح إلا على أحد هذين الوجهين وبطل أحدهما ثبت الآخر ، ويمكن أن يقال في جوابه معنى لا أبرح حتى أبلغ أي لا أتجاوز هذا الطريق ولا أعدل عن سلوكه وسمته حتى أبلغ هذا المكان ، فخذف الطريق وهذا كما يقال : لم أبرح بلد كذا حتّى فعلت كذا وإن كان ينقل في البلد لأنّ المعنى لم أتغيب ويشهد لهذا أنه لا يستعمل ما برح في اللَّه تعالى لأنّه لا يقال : لم يبرح اللَّه قادرا فلو كان لم يبرح بمعنى لم يزل حتى لا فرق بينهما لما امتنع مما دخله ، وإذ قد امتنع فلأنه لا يجيء إلا وأصله البراح من المكان ذكر أو لم يذكر وذلك لا يجوز على القديم تعالى .
و اعلم أنّ هذه الكلمة في اللغة مدارها الأكثر على التّجاوز ، من ذلك قال الأعشى :
أبرحت ربا وأبرحت جارا أي جاوزت ما عليه أمثالك في الخلال المرضية ، والبارحة الأولى التي قبل البارحة ، وجمع البارحة البوارح ، ولم يتجاوزوا ذلك . وأمّا الفائدة فما يستقبل بعد ليلتك التي أنت فيها وكأنها مأخوذة من الاستقبال ويقال : قبلت الوادي أقبله إذا استقبلته ويقال : آتيك القابلة والمقبلة كما يقال : عام قابل ومقبل وأنشد :

أقبلتها الخلّ من حوران مجتهدا * إني لأزري عليها وهي تنطلق

ويقال فعلته ليلا ونهارا أي ضياء وظلاما ، غير مخصوص بوقت معلوم ، وفعلته يوما وليلة يريد أنّ من جملة الزّمان ما تنحصر بهذا القدر وربما جعل بعض أجزاء الليلة ليلا وجعل اللَّيل لليلة واحدة قال :

و ودّ الليل زيد إليه ليل * ولم يخلق له أبد النّهار

ولم يرد الجنس لأنّ الجنس يستوعب الأوقات ، فلا يزاد للأمثلة وكذلك قوله : إني إذا ما اللَّيل كان ليلتين ، أراد كل واحد من الشّاعرين ليلة واحدة وأنها في طولها كانت أوقاتها وساعاتها لتطاولها وامتدادها ومقاساة ما يعاني منها كليلتين . وغرض الشاعر أن يصف طول ليلته أي كأنها في طولها مضاعفة متزايدة ، وإذا جعل اللَّيل جنسا فسد المعنى أيضا ؛ لأن اللَّيل المستوعب لأجزاء جنس اللَّيل إذا قيل فيه كان ليلتين وحصر بما يقع فيه التّنبيه من

اسم الکتاب : الازمنه والامكنه المؤلف : المرزوقي الأصفهاني، أبو علي    الجزء : 1  صفحة : 116
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست