اسم الکتاب : المحكم والمحيط الأعظم المؤلف : ابن سيده الجزء : 10 صفحة : 78
من هاءِ الوَصْلِ قَبْلَها منزلةَ حُروفِ الوَصْلِ من حَرْفِ الرَّوِىِّ
قَبْلَها ، فكَما سُمِّيَتْ حركةُ الرَّوِىِّ مَجْرى ـ لأَنَّ الصوتَ جَرَى فِيها
حتى اسْتَطالَ بحروفِ الوَصْلِ ، وتمكَّنَ بها اللِّينُ ـ كذلِكَ سُمِّيَت حركةُ
هاءِ الوَصْلِ نَفاذًا ؛ لأَنَّ الصوتَ نَفَذَ فيها إلى الخُرُوج حَتَّى استطالَ بها ، وتمكَّنَ المَدُّ
فيها.
* ونُفُوذُ الشَّىْءِ إلى الشَّىْءِ نحوٌ ـ فى المَعْنَى ـ من
جَرَيانِه نحوه.
فإن قُلْتَ :
فَهَلا سُمِّيَت لذلِك نُفُوذًا ، لا
نَفاذًا؟
قيلَ : أَصْلُه
(ن ف ذ) ومَعْنَى تَصَرُّفِها مَوْجُودٌ فى النَّفاذِ والنُّفُوذِ جَميعًا ، ألا تَرَى أَنَ النَّفاذَ هو الحِدَّةُ والمَضاءُ ، والنُّفُوذَ هو القَطْعُ والسُّلُوك؟ فقد تَرَى المعْنَيين
مُقْتَربَيْنِ ، إِلا أَنَ النَّفاذَ كان هُنا بالاسْتِعْمالِ أَوْلَى ، أَلَا تَرَى أَنَّ
أَبا الحَسَن الأَخْفَشَ سَمَّى ما هُو نَحوُ هذه الحَركةِ تَعَدِّيًا ، وهُو
حَرَكةُ الهاءِ فى نَحْوِ قَوْلِه :
*قَرِيبَةٍ نُدْوَتُه مِنْ مَحْمَضِهى*
والنَّفاذُ ، والحِدَّةُ ، والمَضَاءُ ـ كُلُّه ، أَدْنَى إلى
التَّعَدِّى ، والغُلُوِّ من الجَرَيانِ والسُّلُوكِ ؛ لأَنَّ كُلَّ مُتَعَدٍّ
مُتَجاوِزٌ وسالِكٌ. فهو جارٍ إلى مَدًى مَا ، وليسَ كُلُّ جارٍ إلى مَدًى
مُتَعَدِّيًا. فلمّا لم يَكُنْ فى القِياسِ تَحْريكُ هاءِ الوَصْلِ سُمِّيَتْ
حَرَكَتُها نَفاذًا ؛ لقُرْبِه من مَعْنَى الإفْراطِ والحِدَّةِ. ولما كانَ
القِياسُ فى الرَّوِىِّ أَن يكونَ مُتَحَرِّكًا سُمِّيَت حَرَكَتُه المَجْرَى ؛
لأَنَّ ذلك ـ على ما بَيَّنّا ـ أَخْفَضُ رُتْبَةً من النَّفاذِ المَوْجُودِ فيه مَعْنَى الحِدَّةِ والمَضاءِ المُقاربِ
للتَّعَدِّى ، والإفْراطِ ، فلذلكَ اخْتِيرَ لحَرَكَة الرَّوِىِّ المَجْرَى ،
ولحَرَكَةِ هاءِ الوَصْلِ النَّفاذُ. وكما أَنَّ الوَصْلَ دونَ الخُرُوجِ فى المَعْنَى ـ لأَنَّ
الوَصْلَ معناه المُقارَبةُ والاقتصادُ ، والخُرُوجَ فيه مَعْنَى التَّجاوُزِ
والإفراطِ ـ كذلك الحَرَكَتان المُؤَدِّيَتانِ أيضًا إلى هذين الحَرْفَيْنِ بينهما
من التَّفاوُتِ ما بَيْنَ الحَرْفينِ الحادِثَيْنِ عنهما. أَلا تَرَى
اسْتِعْمالَهم (ن ف ذ) بحيثُ الإفْراطُ والمُبالَغَةُ؟
* وأَنْفَذَ الأَمْرَ : قَضاهُ.
* والنَّفَذُ : اسمُ الإنْفاذِ.
* وأَمَرَ بنَفَذِه : أى بإِنْفاذِه.
* ونَفَذَهُم البَصَرُ ، وأَنْفَذَهم
: جاوَزَهُم.
* وأَنْفَذَ القَوْمَ : صارَ بَيْنَهم.
اسم الکتاب : المحكم والمحيط الأعظم المؤلف : ابن سيده الجزء : 10 صفحة : 78