responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحكم والمحيط الأعظم المؤلف : ابن سيده    الجزء : 10  صفحة : 602

حرف الياء

الياء والألف

ي ا

* يَا : حَرْفُ نِدَاءٍ ، وهى عَامِلَةٌ فى الاسْمِ الصَّريحِ وإِنْ كانَتْ حَرْفًا ؛ والقولُ فى ذلك أن : لِـ (يَا) فِى قِيامِها مَقَامَ الفِعْلِ خَاصَّةً لَيْسَتْ للحُروفِ ، وذلكَ أَنَّ الحَروفَ قَدْ تَنوبُ عَنِ الأَفْعَالِ ، كَ (هَلْ) فإنَّها تَنوبُ عَنِ أَسْتَفْهِمُ ، و (كما) و (لا) فإنَّهما يَنُوبانِ عن أَنْفِى ، وكَ (إِلا) تَنُوبُ عَنْ أَسْتَثْنِى ، وتلكَ الأَفْعالُ النَّائِبةُ عنها هذه الحروفُ هِىَ الناصبةُ فى الأَصْلِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَتْ عنها إلى الحرفِ ـ طَلبًا للإِيجَازِ وَرَغْبَةً عَنِ الإِكْثَارِ ـ أَسْقَطَتْ عمَلَ تِلكَ الأفَعْالِ لِيَتِمَّ لكَ ما انْتَحَيْتَهُ مِنَ الاخْتِصارِ ، وليس كذلك (يا) ، وذلكَ أَنَّ (يا) نَفْسَها هِىَ العاملُ الواقِعُ على زَيْدٍ ، وَحَالُها فى ذلكَ حالُ : أَدْعُو وأُنادِى ، فى كَوْنِ كُلِّ واحدٍ مِنْهما هُو العامِلُ فى المفْعُولِ. وليسَ كذلِكَ : ضَرَبْتُ وقَتَلْتُ ونحوُهُ ، وذلك أَنَّ قَوْلَكَ : ضَرَبْتُ زَيْدًا ، وقَتَلْتُ بِشْرًا ؛ الفِعْلُ الواصِلُ إِلَيْها المُعَبَّرُ بِقَوْلِكَ : ضَرَبْتُ عنه لَيْسَ هُوَ نَفْسَ (ض ر ب ت) إِنَّما ثَمَّ أحَدْاثٌ هذه الحروفُ دِلالَةٌ عَلَيْها ، وكذلِكَ القَتْلُ والشَّتْمُ والإِكْرَامُ ونَحْوُ ذلِكَ. وقَوْلُكَ : أُنادِى عبدَ اللهِ ، وأَدْعو عبدَ اللهِ ، ليس هنا فِعْلٌ واقِعٌ عَلَى عبدِ اللهِ غَيْرُ هذا اللَّفْظِ.

و (يا) نَفْسُها فى المعْنَى كَ (أَدْعُو) ، أَلَا تَرى أَنَّكَ إِنَّما تَذْكُرُ بَعْدَ (يا) اسْمًا واحدًا كمَا تَذْكُرُه بَعْدَ الفِعْلِ المُسْتَقِلِّ بِفَاعِلِه ، إذا كانَ مُتَعَدِّيًا إلى مفعولٍ واحدٍ كَضَرَبْتُ زَيْدًا.

وليسَ كذلِكَ حرفُ الاسْتِفْهامِ وحَرْفُ النَّفْىِ ، وإِنَّما تُدْخِلُها على الجُمَلِ المُسْتَقِلّةِ فَتَقولُ : ما قام زَيْدٌ ، وهل زيدٌ أخوكَ؟

فَلمَّا قَوِيَتْ (يا) فى نَفْسِها وأَوْغَلَتْ فى شَبَهِ الفِعْلِ تَوَلَّتْ بِنَفْسِها العَمَلَ ، وقولُه أَنْشَدَه أَبو زَيْدٍ :

فَخَيْرٌ نَحْنُ عِنْدَ النَّاسِ مِنْكُمْ

إذا الدَّاعِى المُثَوِّبُ قالَ يَالا[١]

قالَ ابْنُ جِنىٍّ : سَأَلَنى أبو عَلِىٍّ ـ رَحِمَهُ اللهُ ـ عن ألف (يا) مِنْ قَوْلِهِ فى قَافِيَةِ هذا البَيْتِ ـ يَالا ـ فقالَ : أَمُنْقَلِبَةٌ هىَ؟ قُلْتُ : لا ؛ لأَنَّها فى حَرْفٍ ـ أعنى (يا) ـ فقالَ : بل هى مُنْقَلِبَةٌ ،


[١]البيت لزهير بن مسعود الضبِّى فى تلخيص الشواهد ص ١٨٢ ، وخزانة الأدب ٢ / ٦ ، والدرر ٣ / ٤٦ ، وبلا نسبة فى الخصائص ١ / ٢٧٦ ، ولسان العرب (يا) ، ومغنى اللبيب ١ / ٢١٩ ، وهمع الهوامع ١ / ١٨١.

اسم الکتاب : المحكم والمحيط الأعظم المؤلف : ابن سيده    الجزء : 10  صفحة : 602
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست