اسم الکتاب : المحكم والمحيط الأعظم المؤلف : ابن سيده الجزء : 10 صفحة : 475
أن أبا إسحاق ذهب فيه إلى أن « إنَ
» هنا بمعنى : نعم ،
وهذان مرفوع بالابتداء ، وأن اللام فى لساحران داخلة على غير ضرورة ، وأن تقديره :
نعم هذان لهما ساحران ، وحكى عن أبى إسحاق أنه قال : هذا الذى عندى فيه ، والله
أعلم. وقد بين أبو علىٍّ فساد ذلك فغنِينا نحن عن إيضاحه هنا.
فأما قوله عزوجل : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ
خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) [القمر : ٤٩] ، (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي
وَنُمِيتُ) [ق : ٤٣] ونحو ذلك فأصله : إنَّنَا ولكن حذفت إحدى النونين من « إِنَ » تخفيفًا ، وينبغى أن تكون الثانية منهما ؛ لأنها طرف ،
وهى أضعف ، ومن العرب من يبدل همزتها هاءً مع اللام ، كما أبدلوها فى هَرَقْتُ ،
فيقول : لَهِنَّكَ لرجُلُ صدقٍ ، قال سيبويه : وليس كل العرب تتكلم بها ،
قال الشاعر :
وحكى ابن
الأعرابى : هِنَّك وواهِنَّكَ ، وذلك على البدل أيضًا.
* وأنَ كإنَ فى التأكيد ؛ إلا أنها تقع موقع الأسماء ولا تبدل همزتها
هاءً ، ولذلك قال سيبويه : وليس إِنَ
كأنَ ، إنَ كالفعل وأنَ
كالاسم ، ولا تدخل
اللام مع المفتوحة ، فأما قراءة سعيد بن جبير إِلا
أَنَّهم لَيَأْكُلُونَ
الطَّعَامَ [الفرقان : ٢٠] بالفتح ، فإن
اللام زائدة كزيادتها
فى قوله :
ولا أفعل كذا
ما أنَ فى السماء نجما ـ حكاه يعقوب ـ ولا أعرف ما وجه فتح أنَ هنا إلا أن يكون على توهم الفعل كأنه قال : ما ثبت أنَ
فى السماء نجمًا ، أو
ما وجد أنَ فى السماء نجمًا ، وحكى اللحيانى : ما أنَ ذلك الجبل مكانه وما
أنَ حراءً مكانه ،
ولم يُفسره.
* وكأنَ : حرف تشبيه ، إِنَّمَا هو « أَنَّ » دخلت عليها الكاف ، قال ابن جنى : إن سأل
سائل فقال : ما وجه دخول الكاف هاهنا؟ وكيف أصل وضعها وترتيبها؟ فالجواب : أن أصل
قولنا : كأنَ زيدًا عمروٌ
إنما هو إِنَ زيدًا كعمرو ، فالكاف هنا تشبيه صريح وهى متعلقة بمحذوف
، وكأنك قلت : إن زيدًا كائنٌ كعمرو ، وإنهم أرادوا الاهتمام بالتشبيه الذى عليه عقدوا الجملة
فأزالوا الكاف من وسط الجملة ، وقدموها إلى أَوَّلِها لإفراط عنايتهم بالتشبيه ،
[١]البيت لمحمد بن
سلمة فى لسان لعرب (لهن) ، (قذى) ، ولرجل من بنى نمير فى خزانة الأدب ١٠ / ٣٣٨ ،
٣٣٩ ، ٣٥١ ، والخصائص ١ / ٣١٥ ، ٢ / ١٩٥.