يأفر إذا وثب ، وهذا أيضا معنى يليق بالشدة ، لأن الوثوب والنّزاء [١] كثيرا ما يصحبان الشدة والبلاء [٢] ، وإذا كان ذلك كذلك فليس ينبغي أن تحمل واحدة من
الهمزة والعين في أفرّه وعفرّه على أنها بدل من أختها ، وغير منكر أيضا أن تكون
الهمزة بدلا من العين ، والعين بدلا من الهمزة ، إلا أن الاختيار ما قدّمته.
وأما قولهم لما
نفاه الرشاء [٣] من الماء عند الاستقاء نفيّ ونثيّ فأصلان أيضا ، لأنا
نجد لكل واحد منهما أصلا نرده إليه ، واشتقاقا نحمله عليه.
أما النّفيّ
ففعيل من نفيت ، لأن الرشاء ينفيه ، ولامه ياء بمنزلة رميّ وعصيّ.
وأما النّثيّ
ففعيل من نثا الشيء ينثوه إذا أذاعه وفرّقه ، لأن الرشاء يفرقه وينشره ، ولام
الفعل واو ، لأنها لام نثوت ، وهو بمنزلة سريّ وقصيّ. وقد يجوز أن يكون الثاء بدلا
من الفاء ، قال الشاعر :
[١]النزاء :
الاندفاع. مادة (نزو). اللسان (٦ / ٤٤٠٢).
[٢] وقد صرح اللغويون
بأنّ معنى الأفرّة : الشدة. جاء في اللسان : وقع في أفرّة. أي بلية
وشدة. ويقال : أفرت القدر تأفرا : اشتد غليانها ، حتى كأنها تنز. مادة (أ. ف. ر).
اللسان (١ / ٩٥).
[٤]رواه ابن دريد في
الجمهرة (٣ / ١٦١) غير منسوب هكذا :
كأنّ متنيّ من النفيّ
من طول إشرافي على الطّويّ
مواقع
الطير على الصّفيّ
النفي : ما نفاه الرشاء من الماء
والطين. مادة (ن ف ي) اللسان (٦ / ٤٥١٢).الطوى
: البئر المبنية بالحجارة. مادة (ط وى) اللسان (٤ / ٢٧٢٩). الصفي : جمع صفا ، والصفا جمع صفاة :
وهي الحجر الصلد. اللسان (٤ / ٢٤٦٩).يريد
أن رشاش الرشاء من الماء والطين يشبه ذرق الطير على الحجر الأملس. الشاهد في قوله : «كأنّ متنيه من النفي».
ـ