اسم الکتاب : أسرار العربيّة المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 44
الباب الثّاني
باب الإعراب والبناء
[لم سمّي الإعراب إعرابا]
إن قال قائل :
لم سمّي الإعراب إعرابا ، والبناء بناء؟ قيل : أمّا الإعراب ففيه ثلاثة أوجه ؛
أحدها : أن يكون سمّي بذلك ؛ لأنّه يبيّن المعاني ، مأخوذ من قولهم : أعرب الرّجل
عن حجّته ، إذا بيّنها ؛ ومنه قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «الثّيّب تعرب عن
نفسها» ؛ [١] أي تبيّن وتوضح ، قال الشّاعر [٢] :[الطّويل]
وجدنا لكم في
آل حاميم آية
تأوّلها منّا
تقيّ ومعرب
فلمّا كان
الإعراب يبيّن المعاني ، سمّي إعرابا.
والوجه الثّاني
: أن يكون سمّي إعرابا ؛ لأنّه تغيّر يلحق أواخر الكلم ، من قولهم : «عربت معدة
الفصيل» إذا تغيّرت ؛ فإن قيل : «العرب» في قولهم : عربت معدة الفصيل ؛ معناه :
الفساد ؛ وكيف يكون الإعراب مأخوذا منه؟ قيل : معنى قولك : أعربت الكلام ؛ أي :
أزلت عربه ، وهو فساده ، وصار هذا ؛ كقولك : أعجمت الكتاب ، إذا أزلت عجمته ،
وأشكيت الرّجل ، إذا أزلت شكايته ، وعلى هذا ، حمل بعض المفسّرين قوله تعالى : (إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ
أُخْفِيها)[٣] ؛ أي : أزيل خفاءها ؛ وهذه الهمزة تسمّى : همزة السّلب.
والوجه
[١] حديث : أخرجه
أحمد وابن ماجه ، ورواه مسلم والنّسائي بلفظ : «الثّيّب أحقّ بنفسها من وليّها». الجامع
الصّغير ، للسيوطي ؛ تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد (ط. أولى.
القاهرة : مك مصطفى محمد ، ١٣٥٢ ه) ؛
مج ١ ، ص ٤٨٧.
[٢]الشّاعر هو : أبو
المستهلّ ، الكميت بن زيد الأسديّ ، شاعر مقدّم عالم بلغات العرب وأخبارها ، وخطيب
فارس. وكان متعصّبا لمضر ولأهل الكوفة ولآل البيت ؛ من مختارات شعره الهاشميّات. مات
سنة ١٢٦ ه. الشّعر والشّعراء ٢ / ٥٨١. ومعنى البيت واضح ، لا لبس فيه.