والوجه الرابع
: أنّها يلزم معها حذف الفعل الذي أوصلته إلى ما بعدها ، وهذا لا يلزم الحروف [٢] ؛ واختصاصها بهذه الأشياء لمعان اختصّت بها ، فأمّا
كونها في صدر الكلام ، فإنّها [٣] لمّا كانت تدلّ على التّقليل ، [وتقليل الشّيء يقارب
نفيه ، أشبهت حروف النّفي ، وحروف النّفي لها صدر الكلام. وأمّا كونها لا تعمل
إلّا في النّكرة ؛ فلأنّها لمّا كانت تدلّ على التّقليل][٤] ، والنّكرة تدلّ على التّكثير ، وجب أن تختصّ بالنّكرة
التي تدلّ على التّكثير ؛ ليصحّ فيها التّقليل. وأمّا كونها تلزم الصّفة مجرورها ؛
فجعلوا ذلك عوضا عن حذف الفعل الذي يتعلّق به ، وقد يظهر ذلك في ضرورة / الشّعر / [٥]. وأما حذف الفعل معها فللعلم به ، ألا ترى أنّك إذا قلت
: «ربّ رجل يفهم» كان التّقدير فيه «ربّ رجل يفهم أدركت ، أو لقيت» فحذف الفعل ؛
لدلالة الحال عليه ؛ كما حذف في قوله تعالى : (وَأَدْخِلْ يَدَكَ
فِي جَيْبِكَ)[٦] ... إلى قوله : (إِلى فِرْعَوْنَ
وَقَوْمِهِ) ولم يذكر مرسلا ؛ لدلالة الحال عليه ، فكذلك ههنا.