اسم الکتاب : أسرار العربيّة المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 157
الحروف لا يجوز ، ألا ترى أنّك تقول : «ما زيد قائما» ، ولو قلت : «ما زيد
/ إلّا / [١] قائما» بمعنى [٢] : «نفيت زيدا قائما» لم يجز ذلك ؛ فكذلك ههنا.
والوجه الثّالث
: أنّه يبطل بقولهم : «قام القوم غير زيد» فإن «غير» منصوب ، فلا يخلو إمّا أن
يكون منصوبا بتقدير «إلّا» ، وإمّا أن يكون منصوبا بنفسه ، وإمّا أن يكون منصوبا
بالفعل الذي قبله ؛ بطل أن يقال إنّه منصوب بتقدير «إلّا» لأنّا لو قدّرنا «إلّا»
لفسد المعنى ؛ لأنّه يصير التّقدير فيه : «قام القوم إلّا غير زيد» وهذا فاسد ؛
وبطل / أيضا / [٣] أن يقال : إنّه يعمل في نفسه ؛ لأنّ الشّيء لا يعمل في
نفسه ؛ فوجب أن يكون العامل / فيه / [٤] هو الفعل المتقدّم ، وإنّما جاز أن يعمل فيه ، وإن كان
لازما ؛ لأنّ «غير» موضوعة على الإبهام / المفرط / [٥] ، ألا ترى أنّك تقول : «مررت برجل غيرك» ، فيكون كلّ من
عدا المخاطب داخلا تحت «غير»؟ فلمّا كان فيه هذا الإبهام المفرط ، أشبه الظّروف
المبهمة ؛ نحو : «خلف ، وأمام ، ووراء ، وقدّام» وما أشبه ذلك ؛ وكما أنّ الفعل
يتعدّى إلى هذه الظّروف من غير واسطة ، فكذلك ههنا.
والوجه الرّابع
: أنّا نقول : لماذا قدّرتم «أستثني زيدا» ، وهلّا قدّرتم «امتنع زيد» كما حكي عن
أبي على الفارسيّ أنّه كان مع عضد الدّولة في الميدان ، فسأله عضد الدّولة عن المستثنى
بماذا انتصب [٦]؟ فقال أبو عليّ الفارسيّ [٧] : / ينتصب / [٨] لأنّ التّقدير : «أستثني زيدا» فقال / له / [٩] عضد الدّولة ، وهلّا قدّرت : امتنع / زيد / [١٠] فرفعته؟ فقال له أبو عليّ : هذا الجواب الذي ذكرته لك /
جواب / [١١] ميدانيّ ، وإذا رجعنا ، ذكرت لك الجواب الصّحيح ، إن
شاء الله تعالى.
والوجه الخامس
: أنّا إذا أعملنا معنى «إلّا» كان الكلام جملتين ، وإذا
[٧] أبو عليّ الفارسيّ
: الحسن بن أحمد الفارسيّ الفسويّ ، نسبة إلى مدينة قرب شيراز ، إمام عصره في
النّحو واللّغة ؛ له : الإيضاح ، والتّذكرة ، والحجّة في القراءات ، وغيرها.
مات سنة ٣٧٧ ه. البلغة ٥٣ ، وإنباه
الرّواة ١ / ٢٧٣.