اسم الکتاب : أسرار العربيّة المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 154
ولأنّ هذا العامل فعل متصرّف ؛ فجاز تقديم معموله عليه ، كما جاز تقديم
الحال على العامل فيها ؛ نحو : «راكبا جاء زيد» ؛ لأنّه / من / [١] فعل متصرّف ، فكذلك ههنا. والصّحيح : ما ذهب إليه
سيبويه ، وأمّا ما استدلّ به المازنيّ والمبرّد من البيت ؛ فإنّ الرّواية الصّحيحة
فيه :
وذلك لا حجّة /
لهم / [٣] فيه ، ولئن صحّت تلك الرّواية ؛ فنقول : نصب «نفسا» بفعل مقدّر ، كأنّه
قال : «أعني نفسا». وأمّا قولهم : إنّه فعل متصرّف ، فجاز تقديم معموله عليه ،
كالحال ؛ قلنا : هذا العامل ـ وإن كان فعلا متصرّفا ـ إلّا أنّ هذا المنصوب هو
الفاعل في المعنى ، فلا يجوز تقديمه على ما بيّنّا ، وأمّا تقديم الحال على العامل
فيها ، فإنّما جاز ذلك ؛ لأنّك إذا قلت : «جاء زيد راكبا» كان «زيد» هو الفاعل
لفظا ومعنى ، وإذا استوفى الفعل فاعله تنزّل [٤] «راكبا» منزلة المفعول المحض ، فجاز تقديمه كالمفعول ؛ نحو : «عمرا ضرب زيد»
بخلاف التّمييز ، فإنّك إذا قلت : «تصبّب زيد عرقا» لم يكن «زيد» هو الفاعل في
المعنى ، وكان الفاعل في المعنى هو «العرق» فلم يكن «عرقا» في حكم المفعول من هذا
الوجه ؛ لأنّ الفعل قد استوفى فاعله لفظا لا معنى ، فلم يجز تقديمه ، كما لا يجوز تقديم
الفاعل.
[ما كان العامل فيه غير فعل]
وأمّا ما كان
العامل فيه غير فعل ؛ فنحو «عندي عشرون رجلا ، وخمسة عشر درهما» وما أشبه ذلك ،
فالعامل فيه هو العدد ؛ لأنّه مشبّه بالصّفة المشبّهة باسم الفاعل ؛ نحو : «حسن
وشديد» وما أشبه ذلك ، ووجه المشابهة بينهما أنّ العدد يوصف به ، كما يوصف بالصّفة
المشبّهة باسم الفاعل ، وإذا [٥] كان في العدد نون نحو «عشرون» أو تنوين مقدّر ؛ نحو : «خمسة
عشر» صار النّون والتّنوين مانعين من الإضافة ؛ كالفاعل الذي يمنع المفعول من
الرّفع ، فصار التّمييز فضلة كالمفعول ، وكذلك [٦] حكم ما كان منصوبا على التّمييز في ما كان