اسم الکتاب : أسرار العربيّة المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 151
فنصب «فردين» على الحال من ضمير الفاعل والمفعول في «تلقني» ؛ وهذا كثير في
كلامهم.
[عامل النّصب في الحال]
فإن قيل : فما
العامل في الحال النّصب؟ قيل : ما قبلها من العامل ، وهو [١] على ضربين ؛ فعل ، ومعنى فعل ؛ فإن كان فعلا ؛ نحو : «جاء
زيد راكبا» ؛ جاز أن يتقدّم الحال / عليه / [٢] نحو : «راكبا جاء زيد» ؛ لأنّ العامل / فيه / [٣] لمّا كان متصرّفا ، تصرّف عمله ، فجاز تقديم معموله
عليه ؛ وإن كان العامل فيه معنى فعل نحو : «هذا زيد قائما» لم يجز تقديم الحال
عليه ، فلو قلت : «قائما هذا زيد» لم يجز ؛ لأنّ معنى الفعل لا يتصرّف تصرّفه ؛
فلم يجز تقديم معموله عليه. وذهب الفرّاء إلى أنّه لا يجوز تقديم الحال على العامل
/ في الحال / [٤] ؛ سواء كان العامل فيه فعلا ، أو معنى فعل ، وذلك ؛
لأنّه يؤدّي إلى أن يتقدّم المضمر على المظهر ، فإنّه إذا قال : «راكبا جاء زيد»
ففي «راكب» ضمير «زيد» ، وقد تقدّم عليه ، وتقديم المضمر على المظهر لا يجوز ؛
وهذا ليس بشيء ؛ لأنّ «راكبا» وإن كان مقدّما في اللّفظ ، إلّا أنّه مؤخّر في
المعنى في [٥] التّقدير ، وإذا كان مؤخّرا في التّقدير ؛ جاز في
التّقديم ، قال الله تعالى : (فَأَوْجَسَ فِي
نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى)[٦] فالهاء في «نفسه» عائدة إلى «موسى» إلّا أنّه لمّا كان
في تقدير التّقديم ، والهاء : في تقدير التّأخير ؛ جاز التّقديم ، وهذا كثير في
كلامهم ؛ فكذلك ههنا.
[علّة عمل الفعل اللّازم في الحال]
فإن قيل : فلم
عمل الفعل اللّازم في الحال؟ قيل : لأنّ الفاعل لمّا كان لا يفعل الفعل إلّا في
حالة ، كان في الفعل دلالة على الحال ، فتعدّى إليها ، كما تعدّى إلى ظرف الزّمان
لمّا كان في الفعل دلالة عليه.
موطن الشّاهد : (فردين)
وجه الاستشهاد : انتصاب «فردين» على الحال من ضمير الفاعل والمفعول في «تلقني» كما
جاء في المتن ، وفي البيت شاهدان آخران هما : زيادة «ما» بعد «متى» الشّرطيّة.