اسم الکتاب : أسرار العربيّة المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 145
الباب الخامس والعشرون
باب المفعول معه
[عامل النّصب في المفعول معه وخلافهم في ذلك]
إن قال قائل :
ما العامل للنّصب [١] في المفعول معه؟ قيل : اختلف النّحويّون في ذلك ؛ فذهب
البصريّون إلى أنّ العامل فيه هو الفعل ، وذلك ؛ لأنّ الأصل في / نحو / [٢] قولهم : «استوى الماء والخشبة» أي : مع الخشبة ، إلّا
أنّهم أقاموا الواو مقام «مع» توسّعا في كلامهم ؛ فقوي الفعل بالواو ، فتعدّى إلى
الاسم [٣] فنصبه ، كما قوي بالهمزة في قولك : «أخرجت [٤] زيدا» ، ونظير هذا نصبهم الاسم في باب الاستثناء بالفعل
المتقدّم بتقوية «إلّا» نحو : «قام القوم إلّا زيدا» فكذلك ـ ههنا ـ المفعول معه
منصوب بالفعل المتقدّم بتقوية الواو. وذهب الكوفيّون إلى أنّ المفعول معه منصوب
على الخلاف ، وذلك ؛ لأنّه إذا قال «استوى الماء والخشبة» لا يحسن تكرار [٥] الفعل ، فيقال «استوى الماء ، واستوت الخشبة» ؛ لأنّ
الخشبة لم تكن معوجّة حتى تستوي [٦] ، فلمّا لم يحسن تكرير الفعل ، كما يحسن في «جاء زيد
وعمرو» فقد خالف الثّاني الأوّل ، فانتصب على الخلاف. وذهب أبو إسحاق الزّجاج إلى
أنّه منصوب بعامل مقدّر ؛ والتّقدير فيه : «استوى الماء ، ولا بس الخشبة» ، ، وزعم
أنّ الفعل لا يعمل في المفعول ، وبينهما الواو. والصّحيح : هو الأوّل ؛ وأمّا قول
الكوفيّين : إنّه منصوب على الخلاف ؛ لأنّه لا يحسن تكرير الفعل ؛ فقلنا [٧] : هذا هو الموجب ؛ لكون الواو غير عاملة ، وأنّ الفعل
هو العامل بتقويتها لا بنفس المخالفة ، ولو جاز أن يقال مثل ذلك ؛ لجاز أن