اسم الکتاب : أسرار العربيّة المؤلف : ابن الأنباري الجزء : 1 صفحة : 106
والوجه الثّاني
: أنّ هذه الأشياء لمّا كانت ثابتة في الشّخص ، لا تكاد تتغيّر ، جرت مجرى أعضائه
التي لا معنى للأفعال فيها ، كاليد والرّجل وما أشبه ذلك ، فكما لا يجوز أن يقال :
ما أيداه ، ولا ما أرجله من اليد والرّجل ، فكذلك لا يجوز أن يقال : ما أحمره و/
لا ما / [١] أسوده ؛ فإن كان المراد بقوله : ما أيداه! من اليد
بمعنى النّعمة ، وما أرجله! من الرّجلة [٢] جاز ، وكذلك إن كان المراد بقوله : ما أحمره! من صفة
البلادة ، لا من الحمرة ، وما أسوده ، من السّودد ، لا من السّواد جاز [٣] ، وإنّما جاز في هذه الأشياء ؛ لأنّها ليست بألوان ولا
خلق.
[علّة استعمال لفظ الأمر في التّعجّب]
فإن قيل : فلم
استعملوا لفظ الأمر في التّعجّب نحو «أحسن بزيد» وما أشبهه؟ قيل : إنّما فعلوا ذلك
لضرب من المبالغة في المدح.
[الدّليل على أن «أفعل» ليس بفعل أمر]
فإن قيل : فما
الدّليل على أنّه ليس بفعل أمر؟ قيل : الدّليل على ذلك أنّه يكون على صيغة واحدة
في جميع الأحوال [٤] ، تقول : «يا رجل أحسن بزيد ، ويا رجلان أحسن بزيد ،
ويا رجال أحسن بزيد ، ويا هند أحسن بزيد ، ويا هندان أحسن بزيد ، ويا هندات أحسن
بزيد» فيكون مع الواحد والاثنين والجماعة والمؤنّث على صيغة واحدة ؛ لأنّه لا ضمير
فيه ، ولو كان أمرا ؛ لكان ينبغي أن يختلف في التّثنية فتقول : «أحسنا بزيد» وفي
جمع المذكّر : «أحسنوا» وفي إفراد المؤنّث : «أحسني» وفي جمع المؤنّث : «أحسنّ»
فتأتي بضمير الاثنين والجماعة والمؤنّث ، فلمّا كان على صيغة واحدة ؛ دلّ على أنّ
لفظه لفظ الأمر ، ومعناه الخبر.