responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 34

أحدكم في الجنة خير من الدنيا و ما فيها» بل لو تعلق متعلق بما قررناه من كون القبر الشريف منبع جميع الخيرات و هو بالمدينة فتكون هي أفضل لكان له وجه.

و قد قال الحكيم الترمذي في نوادره: سمعت الزبير بن بكار يقول: صنّف بعض أهل المدينة في المدينة كتابا، و صنف بعض أهل مكة في مكة كتابا، فلم يزل كل واحد منهما يذكر بقعته بفضيلة، يريد كل واحد منهما أن يبرز على صاحبه بها، حتى برز المدني على المكي في خلّة واحدة عجز عنها المكي، و أن المدني قال: إذ كل نفس إنما خلقت من تربته التي يدفن فيها بعد الموت، و كان نفس الرسول إنما خلقت من تربة المدينة؛ فحينئذ تلك التربة لها فضيلة بارزة على سائر الأرض.

يخلق الإنسان من تربة الأرض التي يدفن فيها

قلت: و يدل لما ذكر من أن النفس تخلق من تربة الدفن ما رواه الحاكم في مستدركه و قال صحيح و له شواهد صحيحة عن أبي سعيد، قال: «مرّ النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) عند قبر، فقال: قبر من هذا؟ فقالوا: فلان الحبشي يا رسول الله، فقال: لا إله إلا الله، سيق من أرضه و سمائه إلى التربة التي منها خلق» و رواه الحكيم الترمذي بنحوه عن أبي هريرة، و رواه البزار عن أبي سعيد بنحوه، و فيه عبد الله والد ابن المديني و هو ضعيف، و روى الطبراني في الأوسط نحوه عن أبي الدرداء، و فيه الأحوص بن حكيم، وثّقه العجلي، و ضعفه الجمهور، و روي في الكبير أيضا نحوه عن ابن عمر، و قال الذهبي في بعض رواته:

ضعفوه، و أسند ابن الجوزي في الوفاء عن كعب الأحبار: لما أراد الله عز و جل أن يخلق محمدا (صلّى اللّه عليه و سلم) أمر جبريل فأتاه بالقبضة البيضاء التي هي موضع قبره (صلّى اللّه عليه و سلم) فعجنت بماء التسنيم، ثم غمست في أنهار الجنة، و طيف بها في السموات و الأرض، فعرفت الملائكة محمدا و فضله قبل أن تعرف آدم (عليه السلام)، و سيأتي لهذا مزيد بيان في سرد خصائصها.

و قال الحكيم الترمذي في حديث: «إذا قضى الله لعبد أن يموت بأرض جعل له إليها حاجة": إنما صار أجله هناك لأنه خلق من تلك البقعة، و قد قال الله تعالى: مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِيها نُعِيدُكُمْ‌ [طه: 55] الآية، قال: فإنما يعاد المرء من حيث بدئ منه، قال: و روي أن الأرض عجّت‌ [1] إلى ربها لما أخذت تربة آدم (عليه السلام)، فقال لها: سأردها إليك، فإذا مات دفن في البقعة التي منها تربته.

و عن يزيد الجريري قال: سمعت ابن سيرين يقول: لو حلفت حلفت صادقا بارّا غير شاك و لا مستثن أن الله تعالى ما خلق نبيه (صلّى اللّه عليه و سلم) و لا أبا بكر و لا عمر إلا من طينة واحدة ثم ردهم إلى تلك الطينة.


[1] عجّ، عجا و عجّة: رفع صوته و صاح. و يقال: عجّ إلى اللّه بالدعاء.

اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست