اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم الجزء : 1 صفحة : 32
و قال النووي: المختار الذي عليه الجمهور أن السموات أفضل من الأرض، و قيل:
إن الأرض أشرف؛ لأنها مستقر [1] الأنبياء و مدفنهم، و هو ضعيف.
قلت: و كأن وجه تضعيفه للثاني أن الكلام عن مطلق الأرض، و لا يلزم من تفضيل بعضها لكونها مدفن الأنبياء تفضيل كلها، و ضعف أيضا بأن أرواح الأنبياء في السموات و الأرواح أفضل من الأجساد، و جوابه ما سنحققه إن شاء الله تعالى من حياة الأنبياء في قبورهم، صلوات الله و سلامه عليهم.
و قال شيخنا المحقق ابن إمام الكاملية في تفسير سورة الصف: و الحق أن مواضع الأنبياء و أرواحهم أشرف من كل ما سواها من الأرض و السماء، و محل الخلاف في غير ذلك كما كان يقرره شيخ الإسلام البلقيني.
قال الزركشي: و تفضيل ما ضم الأعضاء الشريفة للمجاورة، و لهذا يحرم للمحدث مس جلد المصحف.
عود لتفضيل مكة أو المدينة
قال القرافي: و لما خفي هذا المعنى على بعض الفضلاء أنكر حكاية الإجماع على تفضيل ما ضم الأعضاء الشريفة، و قال: التفضيل إنما هو بكثرة الثواب على الأعمال، و العمل على قبر رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) محرم، قال: و لم يعلم أن أسباب التفضيل أعم من الثواب، و الإجماع منعقد على التفضيل بهذا الوجه لا بكثرة الثواب، و يلزمه أن لا يكون جلد المصحف- بل و لا المصحف نفسه- أفضل من غيره لتعذر العمل فيه، و هو خرق للإجماع.
قلت: و ما ذكره من التفضيل بالمجاورة مسلّم، لكن ما اقتضاه من عدم التفضيل لكثرة الثواب في ذلك ممنوع لما سنحققه.
كلام للعز بن عبد السلام
و أصل الإشكال لابن عبد السلام فإنه قال في أماليه: تفضيل مكة على المدينة أو عكسه معناه أن الله يرتب على العمل في إحداهما من الثواب أكثر مما يرتبه على العمل في الأخرى؛ فيشكل قول القاضي عياض: أجمعت الأمة على أن موضع القبر الشريف أفضل؛ إذ لا يمكن أحد أن يعبد الله فيه.
[1] مستقر الأنبياء: موطن دعوتهم في حياتهم، و مدفنهم بها بعد وفاتهم.
اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم الجزء : 1 صفحة : 32