responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 196

فلم تنبعث، فرجع فقعد، فقال رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) لأصحابه: «ليقم بعضكم فيركب الناقة» فقام علي (رضي الله عنه) فلما وضع رجله في غرز الركاب و ثبت به، فقال رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم):

«أرخ زمامها، و ابنوا على مدارها فإنها مأمورة».

و روى الطبراني- و فيه من لم يعرف- عن جابر أيضا قال: لما قدم رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) المدينة قال لأصحابه: «انطلقوا بنا إلى أهل قباء نسلم عليهم، فأتاهم فسلم عليهم، فرحّبوا به، ثم قال: يا أهل قباء ائتوني بأحجار من هذه الحرة، فجمعت عنده أحجار كثيرة، و معه عنزة له‌ [1]، فخط قبلتهم، فأخذ حجرا فوضعه رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) ثم قال: يا أبا بكر، خذ حجرا فضعه إلى حجري، ثم قال: يا عمر خذ حجرا فضعه إلى جنب حجر أبي بكر، ثم قال: يا عثمان خذ حجرا فضعه إلى جنب حجر عمر، ثم التفت إلى الناس فقال: ليضع كل رجل حجره حيث أحب على ذلك الخط.

متى بني مسجد قباء

قلت: و هو يقتضي أن هذا البنيان لم يكن عند قدوم النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) إلى قباء، بل بعد قدوم عثمان (رضي الله عنه) من الحبشة؛ فإنه كان قد هاجر إلى أرض الحبشة فارا بدينه مع زوجته رقية بنت رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) و كان أول خارج إليها، ثم هاجر الهجرة الثانية إلى المدينة؛ فيمكن أن النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) أسسه عند قدومه، ثم بناه بعد ذلك، و إلا فلم يكن عثمان (رضي الله عنه) حاضرا، كذا نبه عليه بعضهم و لهذا قال السهيلي: أول من وضع حجرا رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) ثم أبو بكر، ثم عمر، و لم يذكر عثمان، ثم قال: و صلّى فيه نحو بيت المقدس قبل أن يأتي المدينة، انتهى. و سيأتي عند ذكره في المساجد عن عمر (رضي الله عنه) أنه قال: و الذي نفسي بيده لقد رأيت رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) و أبا بكر و أصحابه ننقل حجارته على بطوننا، و يؤسسه رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) و جبريل يؤم به البيت، و لم أر من نبه على تعيين زمان قدوم عثمان من الحبشة، و سيأتي في بنائه (صلّى اللّه عليه و سلم) لمسجد المدينة أخبار تقتضي حضور عثمان له، و هو محتمل أيضا للبناء الأول و الثاني، و سبق في الفصل قبله عد عثمان فيمن قدم المدينة قبل مقدم النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) إليها، و هو كذلك في كلام ابن إسحاق.

و قال المحب الطبري: الظاهر أن قدوم عثمان من الحبشة كان قبل هجرة النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) أو بعدها و قبل وقعة بدر؛ لأنه صح أنه كان في وقعة بدر متخلفا في المدينة على زوجته رقية بنت رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم) و كانت مريضة، و وقعة بدر في الثانية، و كان قدوم أكثر مهاجري الحبشة في السابعة كما سيأتي، و الله أعلم.


[1] العنزة: أطول من العصا و أقصر من الرمح في أسفلها زجّ كزجّ الرمح يتوكأ عليها الشيخ الكبير.

اسم الکتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى المؤلف : المنقري، نصر بن مزاحم    الجزء : 1  صفحة : 196
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست