إن من أمتع الكتب قراءة و فائدة تلك الكتب التي تحكي تاريخ البلدان، و المدن و نشأتها، و أسباب تسميتها، و عادات أهلها، و تقاليدهم، و لا سيما أن كثيرا منها ما زال حتى أيامنا هذه.
إن كتاب «البلدان» للمؤرخ الرحالة أحمد بن أبي يعقوب الشهير باليعقوبي غني جدا بسعة آفاقه و إطلالته التاريخية على أسباب نشوء و تسمية البلدان، و المدن، و الأمم و تاريخها.
و الجدير ذكره أن اليعقوبي في هذا الكتاب يذكر مشاهداته في تلك البلدان و المدن، و يذكر أيضا سؤاله أهلها عن بعض أمور فيها، ثم يورد رأيه فيما سمعه منهم هل كان منطقيا مقنعا أم هو محض خرافة تناقلها أهل ذلك المصر.
و في معرض حديثه يعلّق على ذلك مشيرا إلى بعد رواية أهل ذلك الزمان عن المنطق و العقل.
و ذكر من فتح البلاد من الخلفاء و الأمراء و مبلغ خراجها، فلم يدع صغيرة و لا كبيرة وقف عليها إلا و أحصاها في الكتاب، فجاء مصنفه «كتاب البلدان» أقدم مصدر جغرافي، و أوثقه لما تحمّله في تأليفه من جهد و عناء و عناية و حسن بلاء.
و لكن مهما يكن الأمر فقد جاء كتاب «البلدان» كتابا ممتعا، تاريخيا، و جغرافيا على يد رحالة عالم بالأسفار و بأخبار الأمم السالفة.