و قالوا: أرض الرجل ظئره و داره مهده. و أحب البلدان بالتوق إليه بلد منحك حليبه رضاعة.
و قال آخر: إذا كان السبع يحنّ إلى أوطانه. فالإنسان أولى بالحنين إلى مكانه.
و قال بقراط: فطرة الإنسان معجونة بحب الوطن.
و كان أيضا يقول: يغذى كل عليل بأطعمة أرضه. فإن النفس تتطلع إلى غذائها.
و قال الشاعر:
تحنّ قلوصي من غداة إلى نجد* * * و لم ينسها أوطانها قدم العهد
و قد هجت نصبا من تذكّر ما مضى* * * و أغذيتني لو كان هذا الهوى يغذي
و ذكّرتني قوما أحنّ إليهم* * * و أشتاقهم في القرب منهم و في البعد
أولئك قوم لو لجأت إليهم* * * لكنت مكان السيف من وسط اليد
و دخل بعض الأعراب الحضر فاشتاق إلى البدو و قال:
لعمري لنور الأقحوان بحائل* * * و نور الخزامى في ألاء و عرفج [121 ب]
أحبّ إلينا يا حميد بن مالك* * * من الورد و الخيري و دهن البنفسج
و أكل يرابيع و ضبّ و أرنب* * * أحبّ إلينا من سماني و تدرج
و نص القلاص الصهب تدمى أنوفها* * * يجبن بنا ما بين قوّ فمنعج
أحبّ إلينا من سفين بدجلة* * * و درب متى ما يظلم الليل يرتج
و قدم خالد بن فريص الهجيمي الأهواز، فلما رأى حرّها و أذاها لحق إلى بلده و قال:
نظرت و قد حال القرى دون منظري* * * و قد عمّمت أجبالها بالعياطل