و اللكا من جانب. فمتى عدل بأحدهما عن جانبه الذي يعمل فيه، لم يكن فيه شيء. و قد امتحن هذا غير مرة فما استوى إلّا في الموضع الذي رسم فيه. و ان في هذا لعبرة و أعجوبة. فتبارك اللّه رب العالمين.
و قد كره قوم من العلماء السكنى ببغداد و المقام بها و عابوها و ذكروا أنها دار فتنة لكثرة ما فيها من الفساد و من أنواع الفجور و شرب الخمور و الزنى و كثرة الربى.
و روى أبو عثمان النهدي قال: كنت مع جرير بن عبد اللّه على قنطرة قطربل فقال: ما يدعى هذا النهر؟ قلت: دجلة. قال: هذا؟ قلت: دجيل. قال: فهذا؟
قلت: الصراة. قال فهذا النخل؟ قلت: قطربل. فركب فرسه ثم أسرع حتى خرج عن القنطرة ثم
قال: سمعت رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) يقول: تبنى مدينة بين دجلة و الدجيل و قطربل و الصراة تجبى إليها خزائن الأرض. ينزلها الجبار، يخسف بها، فهي أسرع ذهابا في الأرض من الوتد الحديد في الأرض الرخوة.
و قال أبو العالية: يكون خليفة يملك عشرين سنة إلّا شهرا ثم لا تسل عن هلكه العرب. تبنى مدينة بين قرية الخر و دجلة و لها أربعة أبواب مشيدة، و شرقي و غربي و عراقي و شامي. يظهر فيها الفسق يخسف بها. و لبني حام عليكم نزوة و يحاربونكم حرب الاستئصال. و لبني قنطورا نزوة مثل ذلك. ثم لا تسأل عن هلكه العرب.
و كان بشر بن الحارث يقول: ما ابتنيت بغداد إلّا على البلاء. مرة حرق.
و مرة غرق. و مرة فتن.
[1] عقد الخطيب البغدادي في تاريخه (1: 27- 23) فصلا بعنوان:
(ذكر أحاديث رويت في الثلب لبغداد و الطعن على أهليها و بيان فسادها ...) و منها ما هو موجود لدى ابن الفقيه.